وللنِّسَائِيِّ
مِن حديث أَبِي هُرَيرَةَ: «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ
سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ
إِلَيْهِ»([1]).
****
«مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً»: على شكل ما
يفعلُهُ السَّحَرَة مِن عَقْدِ الخُيوط ونحوِها.
«ونَفَثَ فِيهَا»: النَّفَثُ هو:
النَّفْخ مع رِيقٍ، وهو دون التَّفْل.
«فَقَد سَحَر»: أي: فعَلَ
السِّحْرَ المُحرَّمَ.
«ومَنْ سَحَرَ
فَقَدْ أَشْرَكَ»: لأنَّ السِّحر لا يتأتَّى بدون الشِّرك؛ لأنَّه استعانة بالشَّياطين.
«وَمَنْ تَعَلَّقَ
شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ»: أي: من تعلَّق قلْبه بشيءٍ واعتمد عليه وكَّله الله
إِلى ذلك الشَّيءِ وخذَلَهُ.
مَعْنى الْحديث إجْمالاً: يُبيِّن صلى الله عليه وسلم نوعًا مِن أنواع السِّحر وحُكْمَه، مُحذِّرًا أُمَّتَه مِن تعاطيه فيقول: إنَّ مِن أنواع السِّحر أن يعقِد العُقَدَ في الخُيوط ونحوِها، وينفُخ في تلك العُقَدِ نَفْخًا مصحوبًا بالرِّيق؛ وذلك أن السَّحَرة إذا أرادوا عملَ السِّحرِ عَقَدوا الخُيوط ونفثُوا على كلِّ عُقْدةٍ حتَّى ينعقد ما يريدون مِن السِّحر، فتتكيَّف نفسُهُ الخبيثةُ بالشَّرِّ، ويستعين بالشَّياطين، ويَنفخُ في تلك العُقَد، فيخرج مِن نَفَسِهِ الخبيثةِ نفَسٌ مُقترِنٌ بالرِّيق المُمازجِ للشَّرِّ، ويستعين بالشَّياطين، فيُصيب المسحورَ بإذن الله فعله الكونيِّ القدريِّ.
([1]) أخرجه النسائي رقم (4079)، والطبراني في «الأوسط» رقم (1469).