وعن أَبِي سَعِيدٍ
رضي الله عنه مرفوعًا: «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيقِينِ أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ
بِسُخْطِ اللهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَأَنْ تَذُمَّهُمْ
عَلَى مَا لَمْ يَؤْتِكَ اللهُ، إِنَّ رِزْقَ اللهِ لاَ يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ،
وَلاَ يَرُدُّهُ كَرَاهِيَّةُ كَارِهٍ»([1]).
****
«ضَعْف»: بضم الضَّاد وفتحها ضِدُّ
القُوَّة والصِّحةِ.
«اليَقِين»: ضِدُّ الشَّكِّ
هو: كمال الإيمان.
«تُرْضِي النَّاس
بسَخَطِ الله»: أيْ: تُؤثِرُ رِضاهم على رِضا الله.
«وأَنْ
تَحْمَدَهُمْ»: أي: تشكرَهُم وتُثنِي عليهم.
«عَلَى رِزْقِ الله»: أيْ: ما وصل منه
إليك على أيديهم بأنْ تُضيفه إليهم وتنسَى المُنْعِمَ المُتفضِّلَ.
«وأنْ تَذُمَّهُمْ
عَلَى مَا لَمْ يُؤتِكَ اللهُ»: أي: إذا طلبْتَ منهم شيئًا فمنعوك ذَمَمْتَهُمْ على
ذلك.
المَعْنى الإْجْماليُّ لِلْحديث: يُبيِّن صلى الله عليه وسلم في هذَا الحديثِ ما ينبغي أن يكون عليه المُسلِم من قُوَّة الثِّقة بالله، والتَّوكُّلِ عليه، واعتقادِ أنَّ كلَّ شيءٍ بتدبيره ومشيئتِه، ومِن ذلك الأسباب: إذا شاء الله رتَّب عليها نتائجَها فأدَّت المطلوبُ بها، وإنْ شاء منعها مِن أداء نتائجها، وكلُّ ذلك راجعٌ إِلى الله، فهو المحمود على السَّراء والضَّراءِ والشِّدَّةِ والرَّخاءِ، وهذَا هو كمال اليقين، وأمَّا مَن تعلَّق قلبُه بالنَّاس ومالَ مع الأسباب فإن نال شيئًا مِن الخير على أيدي النَّاس مَدَحَهُم، وإنْ لم يَنَل مُرادَه ذمَّهُم ولاَمَهُم، فهذَا قد ضَعُف يقينُه واختلَّ توكُّلُه على الله. ثُمَّ خَتَم صلى الله عليه وسلم.
([1]) أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (203)، وأبو نعيم في «الحلية» (5/106).