وقال الشَّعْبيُّ:
«كانَ بينَ رجلٍ مِنَ المنافقينَ ورجلٍ مِنَ اليهودِ خصومةٌ، فقالَ اليَهُودِيُّ:
نَتَحَاكَمُ إِلى مُحَمَّدٍ، عَرَفَ أَّنه لاَ يأخُذُ الرِّشْوَة، وقالَ المنافقُ:
نَتَحاكَمُ إِلى اليَهُودِ: لِعِلْمِهِ أنَّهم يأخُذُون الرِّشْوة، فاتَّفقا أنْ
يأتيا كَاهِنًا فِي جُهَيْنَةَ فيتحاكَما إليه فَنَزَلَتْ: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يَزۡعُمُونَ﴾الآية [النساء: 60] ».
****
المَعْنى الإْجْماليُّ لِلْحديث: أنَّ
الإِنسَان لا يكون مؤمنًا الإيمان الكاملَ الواجبَ حتَّى تكون محبَّتُه تابعةً
لِمَا جاء به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم من: الأوامر والنَّواهي وغيرِها،
فيُحبُّ ما أمَرَ به ويكْرَهُ ما نَهى عنه.
مُناسَبة الْحديث
لِلْباب: نَفْيُ الإيمان عمَّن لم يطْمئنُّ إِلى شرع الله ويُحبُّه، ويكْرَهُ ما
خالفه مِن القوانين والنُّظُمِ الوضعيَّةِ.ما يُستفاد من الْحديث:
1- وجوبُ محبَّةِ
كلِّ ما جاء به الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ولا سيَّما مِن التَّشريع والعملِ
به.
2- وجوبُ بُغْضِ
كلِّ ما خالف شريعةَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم والابتعادُ عنه.
3- انتفاءُ الإيمانِ
عمَّن يميل بقلبه إِلى مخالفة ما جاء به الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به
ظاهرًا.
التَّراجم:
الشَّعْبيُّ هو: عَامِرُ بنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ، وقيل: عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ
بنِ شَراحِيلَ الشَّعْبِيُّ الحِمْيَريُّ، أبُو عَمْرٍو الكُوفيُّ، ثِقةٌ حافظٌ
فقيهٌ من التَّابعين، قيل مات سنة 103هـ رحمه الله، وقيل غيرُ ذلك.
«مِن المُنافِقِين»: جمع مُنافِق وهو
الذي يُظْهِرُ الإِسْلام ويُبْطِنُ الكُفْرَ.
«اليَهُودُ»: جمع يهوديُّ - مِن
هَادَ إذا رَجَع - وقيل اليَهُوديُّ نِسْبة إِلى يَهُودَا بنِ يَعْقُوبَ عليه
السلام.