×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

قوله رحمه الله: «فَلاَ تَرَى الخَيْرَ وَالشَّرَّ إِلاَّ مِنْهُ تَعَالَى»؛ هذا يُبين مرادهم بالوسائط، وأنهم يقولون: إنها وسائط تسبب لنا الخير، وتدفع عنا الشر! هذه هي الوسائط التي تنكر.

قوله رحمه الله: «وَهَذَا المَقَامُ يُثْمِرُ التَّوَكُّلَ، وَترْكَ شِكَايَةِ الخَلْقِ، وَتَرْكَ لَوْمِهِمْ، وَالرِّضَا عَنِ اللهِ - تَعَالى - والتَّسْلِيمَ لِحُكْم» أي: من شعر بهذا، وأن الخير والشر والنفع والضر من الله، لا دخل لأحد فيه؛ فهذا هو التوكل على الله سبحانه وتعالى واعتقاد أن كل الأمور بيده لا يشاركه في ذلك أحد؛ ولهذا في الحديث: «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَأَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ» ([1])، فهذا من ضعف اليقين؛ فالمخلوق إذا أعطاك شيئًا فهو من الله: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعۡمَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ} [النحل: 53] فيجب أن تعتقد هذا، وأن جميع الأمور كلها من الله، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وإذا فاتك شيء فإنك لا تلوم الناس، واعلم أن الله لم يقدره لك، فلا تلم فلانًا وعلانًا، فتقول: «هو الذي منع عني وحسدني»، فليس فلان منع شيئًا؛ لأنه لا يقدر أن يمنع شيئًا قد قدره الله: {مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} [فاطر: 2]، {إِنۡ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلۡ هُنَّ كَٰشِفَٰتُ ضُرِّهِۦٓ أَوۡ أَرَادَنِي بِرَحۡمَةٍ هَلۡ هُنَّ مُمۡسِكَٰتُ رَحۡمَتِهِۦۚ} [الزمر: 38]، وفي الحديث: «اللَّهُمَّ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ([2])، هذا هو التوحيد.

من ضعف اليقين بالله أن تحمد الخلق بما أعطاك الله، وأن تذمهم فيما لم يعطك لله، فهذا من ضعف اليقين بالله عز وجل.


الشرح

([1])أخرجه: أبو نعيم في الحلية (5/ 106)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (203).

([2])أخرجه: البخاري رقم (844)، ومسلم رقم (593).