×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

ولكنه في الباطن معترف بها؛ ولهذا يقول عز وجل: {وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ} [النمل: 14] هذا الذي حملهم: الظلم والعلو. ويقول عز وجل: {قَدۡ نَعۡلَمُ إِنَّهُۥ لَيَحۡزُنُكَ ٱلَّذِي يَقُولُونَۖ فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ} [الأنعام: 33] يعتقدون في قلوبهم أنه رسول الله، ولكنهم ينكرون هذا في الظاهر، يجحدونه لأغراض لهم؛ حمية على دينهم ودين آبائهم، {إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦} [الصافات: 35، 36]، وهذا واضح في القرآن تمامَ الوضوحِ: أن توحيد الربوبية لم ينكره أحد، بل أقر به المشركون كما ذكر الله عنهم في القرآن، وإنما الإنكار والخصومة في توحيد الألوهية؛ فالرسل تطلب منهم أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا، وهم يقولون: «نعبد الله ونعبد معه غيره، ولا نترك آلهتنا»، ويتواصون بهذا: {وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا ٢٣ وَقَدۡ أَضَلُّواْ كَثِيرٗاۖ وَلَا تَزِدِ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا ضَلَٰلٗا ٢٤} [نوح: 23، 24] لا تطيعوا نوحًا عليه السلام في عبادة الله وحده وتتركوا آلهتكم!

فالخصومة بين الرسل وبين أممهم في توحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية هو الذي خلق الله الخلق من أجله؛ ولهذا قال عز وجل: {وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} [الذاريات: 56] هذا توحيد الألوهية.

ومع هذا فإن عقائد المتكلمين والمناطقة الآن مُنصبَّة على توحيد الربوبية، والرد على الزنادقة والملاحدة، وتوحيد الربوبية لم ينكره أحد، ولا يكفي، فعقائدهم مبنية على هذا، ومن يقرأ في كتبهم وعقائدهم تجدهم يركزون على توحيد الربوبية، والرد على الملاحدة، وهذا لا يكفي، حتى لو حققه ما كفى، ولا أدخله في الإسلام،


الشرح