وَمِنْ خَصَائِصِ الإِلَهِيَّةِ: العُبُودِيَّةُ
الَّتِي لاَ تَقُومُ إِلاَّ عَلَى سَاقِ الحُبِّ وَالذُّلِّ؛ فَمَنْ أَعْطَاهُمَا
لِغَيْرِهِ، فَقَدْ شَبَّهَ بِاللهِ سبحانه وتعالى فِي خَالِصِ حَقِّهِ وَقُبْحُ
هَذَا مُسْتَقِرٌّ فِي العُقُولِ وَالفِطَرِ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَمِنْ خَصَائِصِ الإِلَهِيَّةِ:
العُبُودِيَّةُ الَّتِي لاَ تَقُومُ إِلاَّ عَلَى سَاقِ الحُبِّ وَالذُّلِّ»
العبودية تقوم على قطبين: غاية الحب، مع غاية الذل، ثم العبادة كلها تدور على هذين
القطبين، ولهذا قال الإمام ابن القيم رحمه الله:
وعبادة الرحمن
غاية حبه |
|
مع ذل عابده
هما قطبان |
وعليهما فلك
العبادة دائر |
|
ما دار حتى
قامت القطبان |
ومداره بالأمر
أمر رسوله |
|
لا بالهوى
والنفس والشيطان |
قوله
رحمه الله:
«فَمَنْ أَعْطَاهُمَا لِغَيْرِهِ، فَقَدْ
شَبَّهَ بِاللهِ سبحانه وتعالى فِي خَالِصِ حَقِّهِ» فمن أحب أحدًا مع الله
فقد أشرك بالله؛ كما قال تعالى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِِۖ} [البقرة: 165]، وكذلك
الذي يذل ويخضع لغير الله، هذا قد أشرك بالله عز وجل فالله خلق هذا الإنسان حرًّا،
وحصنه بعبادته، فإذا خرج من هذا الحصن - وهو عبادة الله - يبتلى بعبادة غير الله؛
فيقع في الذل والهوان، وما دام متحصنًا بعبادة الله فإنه لا خوف عليه ولا ذل، لا
في الدنيا، ولا في الآخرة.
قوله رحمه الله: «وَقُبْحُ هَذَا مُسْتَقِرٌّ فِي العُقُولِ وَالفِطَرِ» توحيد الربوبية والاعتراف بأنه لا يستحق العبادة إلا الله عز وجل وأن أحدًا لا يشاركه فيها كائنًا من كان.