×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 وَإِنْ ظَنَّ أَنّهُ يَسْمَعُ وَيَرَى، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُلَيِّنُهُ ويُعَطِّفُهُ عَلَيْهِمْ؛ فَقَدْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِإِفْضَالِ رَبِّهِ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ وَسعَةِ جُودِهِ.

وَبِالْجُمْلَة: فَأَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ - تَعَالَى - إِسَاءَةُ الظَّنِّ بِهِ، وَلِهَذَا يَتَوَعَّدُهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى إِسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِ أَعْظَمَ وَعِيدٍ؛ كَمَا قَالَ الله تعالى: {ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِۚ عَلَيۡهِمۡ دَآئِرَةُ ٱلسَّوۡءِۖ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَلَعَنَهُمۡ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرٗا} [الفتح: 6].

****

الشرح

قوله رحمه الله: «وَإِنْ ظَنَّ أَنّهُ يَسْمَعُ وَيَرَى، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُلَيِّنُهُ ويُعَطِّفُهُ عَلَيْهِمْ؛ فَقَدْ أَسَاءَ الظَّنَّ بِإِفْضَالِ رَبِّهِ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ وَسعَةِ جُودِهِ» الذين يتخذون الوسائط بينهم وبين الله؛ ليقربوهم إلى الله زلفى، ويشفعوا لهم عند الله، هؤلاء ظنوا بالله ظن السوء، وجحدوا علمه ورحمته بعباده، وجحدوا سمعه وبصره، وأنه يحتاج إلى المبلغين، وجحدوا عطفه على عباده ورحمته بعباده حتى يتوسط أحد عنده مثلما يتوسط أحد عند المخلوقين فيعطفهم! هذا من ظن السوء بالله عز وجل.

قوله رحمه الله: «وَبِالْجُمْلَة: فَأَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللهِ - تَعَالَى - إِسَاءَةُ الظَّنِّ بِهِ، وَلِهَذَا يَتَوَعَّدُهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى إِسَاءَةِ الظَّنِّ بِهِ أَعْظَمَ وَعِيدٍ» قال تعالى: {وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا} [الفتح: 12].

وفي سورة «الفتح» قال تعالى: {إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا} [الفتح: 1]، والمراد به: صلح الحديبية، وقد اعتبره فتحًا عظيمًا؛ {لِّيَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعۡمَتَهُۥ عَلَيۡكَ وَيَهۡدِيَكَ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ٢ وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصۡرًا عَزِيزًا ٣} [الفتح: 2، 3] هذا ما أعطاه الله للرسول صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية،


الشرح