×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ ابْتَلَيْتُهُ فَضَيَّقْتُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَجَعَلْتُهُ بِقَدْرٍ لاَ يَفْضُلُ عَنْهُ فَذَلِكَ مِنْ هَوَانِهِ عليَّ، وَلَكِنَّهُ ابْتِلاَءٌ وَامْتِحَانٌ مِنِّي لَهُ؛ أَيَصْبِرُ فَأُعْطِيهُ أَضْعَافَ مَا فَاتَهُ، أَمْ يَتَسَخَّطُ فَيَكُون حَظُّهُ السُّخْطَ؟!

وَبِالْجُمْلَةِ: فَأَخْبَرَ - تَعَالَى - أَنَّ الإِكْرَامَ وَالإِهَانَةَ لاَ يَدُورَانِ عَلَى الَماِل وَسَعَةِ الرِّزْقِ وَتَقْدِيرِهِ، فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - يُوَسِّعُ عَلَى الكَافِرِ لاَ لِكَرَامَتِهِ، وَيُقَتِّرُ عَلَى المُؤْمِنِ لاَ لِهَوَانِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُكْرِمُ -سُبْحَانَهُ- مَنْ يُكْرِمُ مِنْ عِبَادِهِ بِأَنْ يُوَفِّقَهُ لِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَاسْتِعَانَتِهِ، فَعَادَتْ سَعَادَةُ الأَبَدِ فِي عِبَادَةِ اللهِ وَالاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَيْهَا.

****

الشرح

قوله رحمه الله: «وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ ابْتَلَيْتُهُ فَضَيَّقْتُ عَلَيْهِ رِزْقَهُ وَجَعَلْتُهُ بِقَدْرٍ لاَ يَفْضُلُ عَنْهُ» قارون لما خرج على قومه في زينته {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ قَالَ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا يَٰلَيۡتَ لَنَا مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ قَٰرُونُ إِنَّهُۥ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٖ ٧٩ وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ وَيۡلَكُمۡ ثَوَابُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لِّمَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗاۚ وَلَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلصَّٰبِرُونَ ٨٠} [القصص: 79، 80] فلا يلقى هذا الإيمان والصبر على الفقر والحاجة إلا الصابرون على قسمة الله سبحانه وتعالى والرضا عنه سبحانه وتعالى.

قوله رحمه الله: «فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - يُوَسِّعُ عَلَى الكَافِرِ لاَ لِكَرَامَتِهِ، وَيُقَتِّرُ عَلَى المُؤْمِنِ لاَ لِهَوَانِهِ عَلَيْهِ» ولهذا في الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2320).