×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

بعض الناس أو كثير من الناس مقياس الكرامة عنده هو أن الإنسان يعطى من هذه الدنيا؛ يعطى من الأموال والأولاد والجاه، فيقولون: «هذا كريم على الله، وهذا هو السعيد»، وأما الذي يكون في فقر وحاجة وضيق من العيش، فيقولون: «هذا شقي، وهين على الله عز وجل »! ولا يعلمون أن الأمر بالعكس؛ فالله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولكنه لا يعطي هذا الدين إلا من يحب ([1])؛ فليس الغنى دليلاً على الكرامة عند الله، وليس الفقر دليلاً على الإهانة عند الله عز وجل ولذلك الله عز وجل يزوي الدنيا عن أوليائه، ويحميهم منها كما يحمي الطبيب مريضه من الطعام والشراب إذا كان يضره، وفي ذلك مصلحته، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل، وأكمل الخلق وأفضلهم، كان يربط الحجر على بطنه من الجوع، وكان يجوع يومًا ويشبع يومًا، وهو أكرم الخلق على الله، وهناك من الكفار والمشركين من يتنعم في هذه الدنيا وهو أشقى الخلق عند الله عز وجل فالدنيا ليست مقياسًا أبدًا، المقياس هو الدين، هذا هو المقياس، ولكن كثيرًا من الناس تتعلق قلوبهم بالدنيا، ولا تتعلق بالدين والآخرة، فعندهم أن مقياس السعادة هو في الثروة والغنى والترف، ومقياس البؤس والشقاء هو بالفقر والحاجة!

قوله تعالى: {فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ} يعني: جنس الإنسان {إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ} أي: اختبره ربه {فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ}؛ ابتلاءً {فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ} يظن أن هذا الذي أعطاه الله لكرامته على الله، {وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ} يعني: ضيقه، ابتلاه؛ يعني: اختبره بالفقر {فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ}، قال الله عز وجل: {كَلَّاۖ} هذا نفي؛ فليست الكرامة والإهانة بأمور الدنيا.


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (3672)، وابن أبي شيبة رقم (344)، والحاكم رقم (94).