القِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لَهُ نَوْعُ
عِبَادَةٍ بِلاَ اسْتَعَانَةٍ، وَهَؤُلاَءِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا:
أَهْلُ القَدَرِ؛ القَائِلُونَ بِأَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - قَدْ فَعَلَ بِالعَبْدِ
جَمِيعَ مَقْدورِهِ مِنَ الأَلْطَافِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي مَقْدُروِهِ
إِعَانَةٌ لَهُ عَلَى الفِعْل؛ فَإِنَّهُ قَدْ أَعَانَهُ بِخَلْقِ الآلاَتِ
وَسَلاَمَتِهَا وَتَعْرِيفِ الطَّرِيقِ وَإِرْسَالِ الرَّسُولِ وَتَمْكِينِهِ مِنَ
الفِعْلِ؛ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهَا إِعَانَةٌ مَقْدُورَةٌ يَسْأَلُهَا إِيَّاهَا،
وَهَؤُلاَءِ مَخْذُولُونَ مَوْكُولُونَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ مَسْدُودٌ عَلَيْهِمْ
طَرِيقُ الاسْتِعَانَةِ وَالتَّوْحِيدِ؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «الإِيمَانُ
بِالقَدَرِ نِظَامُ التَّوْحِيدِ؛ فَمَنْ آمَنَ باللهِ وَكَذَّبَ بِقَدَرِهِ
نَقَضَ تَكْذِيبُهُ تَوْحِيدَهُ» ([1]).
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«القِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ لَهُ نَوْعُ
عِبَادَةٍ بِلاَ اسْتَعَانَةٍ» هؤلاء أخذوا العبادة، وتركوا الاستعانة، كأنهم
استغنوا عن الله عز وجل فهم يعتمدون على أنفسهم وهم ضعفاء.
قوله
رحمه الله:
«أَحَدُهُمَا: أَهْلُ القَدَرِ» هؤلاء
القدرية والمعتزلة الذين يقولون: «الله عز
وجل أقدر العبد؛ أعطاه القدرة على العمل، لكنه لم يقدر له العمل، فهو بفعل نفسه
واختياره يعمل، وليس لله تقدير في أعماله، ولم يسبق أن الله قدر عليه هذا»!
فهم ينكرون القدر، وينسبون العمل إلى العبد، وإمكانيات العبد.
قوله رحمه الله: «فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهَا إِعَانَةٌ مَقْدُورَةٌ يَسْأَلُهَا إِيَّاهَا» فلم يقدر الله عليه أنه يفعل، وإنما هو الذي فعل باستقلاله.
([1])أخرجه: الآجري في الشريعة رقم (422)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة رقم (1112).