×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 فَإِنْ قِيلَ: مَا حَقِيقَةُ الاسْتِعَانَةِ عَمَلاً؟ قُلْنَا: هِيَ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَكُّلِ، وَهِيَ حَالَةٌ لِلْقَلْبِ تَنْشَأُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللهِ - تَعَالَى - وَتَفَرُّدِهِ بِالخَلْقِ وَالأَمْرِ وَالتَّدْبِيرِ والضُّرِّ وَالنَّفْعِ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، فَتُوجِبُ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ وَتَفْوِيضًا إِلَيْهِ وَثِقَةً بِهِ، فَتَصِيرُ نِسْبَةُ العَبْدِ إِلَيْهِ -تَعَالَى- كَنِسْبَةِ الطِّفْلِ إِلَى أَبَوَيْهِ فِيمَا يَنُوبُهُ مِنْ رَغْبَتِهِ وَرَهْبَتِه، فَلَوْ دَهَمَهُ مَا عَسَى أَنْ يَدْهَمَهُ مِنَ الآفَاتِ لَمْ يَلْتَجِئْ إِلَى غَيْرِهِمَا. فَإِنْ كَانَ العَبْدُ مَعَ هَذَا الاعْتِمَادِ مِنْ أَهْلِ التَّقْوَى كَانَتْ لَهُ العَاقِبَةُ الحَمِيدَةُ، {فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسۡبُهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَٰلِغُ أَمۡرِهِۦۚ قَدۡ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيۡءٖ قَدۡرٗا ٣} [الطلاق: 2، 3] أي: كَافِيه.

****

الشرح

قوله رحمه الله: «قُلْنَا: هِيَ الَّتِي يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالتَّوَكُّلِ» فالاستعانة بمعني واحد.

قوله رحمه الله: «وَهِيَ حَالَةٌ لِلْقَلْبِ تَنْشَأُ عَنْ مَعْرِفَةِ اللهِ -تَعَالَى- » فالتوكل من أعمال القلوب، وليس من أعمال الجوارح، فهناك عبادات قلبية؛ كالخوف، والرجاء، والتوكل، والرغبة والرهبة، والخشية من الله... فهذه كلها أعمال قلبية.

قوله رحمه الله: «تَصِيرُ نِسْبَةُ العَبْدِ إِلَيْهِ - تَعَالَى - كَنِسْبَةِ الطِّفْلِ إِلَى أَبَوَيْهِ فِيمَا يَنُوبُهُ مِنْ رَغْبَتِهِ وَرَهْبَتِه» فالطفل لا يستغني عن أبويه؛ ولذلك إذا خاف ينادي عليهما، أو إذا أصابه ألم أو وجع يناديهم؛ لأنه لا يعلم أحدًا من الخلق يساعده إلا والديه.


الشرح