وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؛ فَقَالَ «يَا مُعَاذُ،
وَاللهِ إِنِّي أُحِبُّكَ؛ فَلاَ تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ:
اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْركَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» ([1]).
فَأَنْفَعُ
الدُّعَاءِ: طَلَبُ العَوْنِ عَلَى مَرْضَاتِهِ - تَعَالَى. وَيُقَابِلُ هَؤُلاَءِ
القِسْمُ الثَّانِي: المُعْرِضُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَالاسْتِعَانَةِ بِهِ؛ فَلاَ
عِبَادَةَ لَهُمْ وَلاَ اسْتِعَانَةَ، بَلْ إِنْ سَأَلَهُ - تَعَالَى - أَحَدُهُمْ
وَاسْتَعَانَ بِهِ فَعَلَى حُظُوظِهِ وَشَهَوَاتِهِ، وَاللهُ - سُبْحَانَهُ -
يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَيَسْأُلُه أَوْلِيَاؤُهُ
وَأَعْدَاؤُهُ؛ فَيُمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ.
****
الشرح
الرسول
صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّكَ» كفى بهذا فخرًا «أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ فِي دُبُرِ كُلِّ
صَلاَةٍ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ
عِبَادَتِكَ»، فأمره أن يسأل الله أن يعينه على عبادته؛ لأنه لو لم يعنه على
عبادته لم يستطع ذلك، ويردد هذا الدعاء بعد كل فريضة: «فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ».
وهل
المراد بالدبر: آخر الصلاة، أم بعد السلام؟ على قولين، فأيهما وقع هذا الدعاء -إما
في آخر الصلاة، أو بعدها - فإنه وقع موقعه؛ لأنه يصدق عليه أنه دبر كل صلاة.
هذا
القسم الأول، وهم أسعد الخلق: الذين جمعوا بين العبادة والاستعانة بالله عليها.
قوله رحمه الله: «وَيُقَابِلُ هَؤُلاَءِ القِسْمُ الثَّانِي» وهو القسم الخاسر.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1522)، والنسائي رقم (1227)، وأحمد رقم (22119)، وابن خزيمة رقم (751).