وَأَبْغَضُ خَلْقِهِ إِبْلِيسُ، وَمَعَ هَذَا
أَجَابَ سُؤَالَهُ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَمَتَّعَهُ بِهَا، وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ
تَكُنْ عَوْنًا عَلَى مَرْضَاتِهِ كَانَتْ زِيَادَةً فِي شِقْوتِهِ وَبُعْدِهِ.
وَهَكَذا
كُلُّ مَنْ سَأَلَهُ - تَعَالَى - وَاسْتَعَانَ بِهِ عَلى ما لَمْ يَكُنْ عَوْنًا
لَهُ عَلَى طَاعَتِهِ كَانَ سُؤَالُهُ مُبْعِدًا لَهُ عَنِ اللهِ.
فَلْيَتَدَبَّرِ
العَاقِلُ هَذَا، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ إِجَابَةَ اللهِ لِسُؤَالِ بَعْضِ
السَّائِلِينَ لَيْسَتْ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ، بَلْ قَدْ يَسْأَلُهُ عَبْدُهُ
الحَاجَةَ فَيَقْضِيهَا لَهُ وَفِيهَا هَلاَكُهُ، وَيَكُونُ مَنْعُهُ مِنْهَا
حِمَايَةً لَهُ وَصِيَانَةً، وَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَهُ اللهُ، وَالإِنْسَانُ
عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَأَبْغَضُ خَلْقِهِ إِبْلِيسُ، وَمَعَ
هَذَا أَجَابَ سُؤَالَهُ وَقَضَى حَاجَتَهُ وَمَتَّعَهُ بِهَا» إبليس هو أكبر
أعداء الله، لما أمره الله بالسجود فأبى واستكبر وكان من الكافرين، لما أمره الله
بالسجود لآدم عليه السلام {أَبَىٰ
وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ} [البقرة: 34] فلعنه الله وطرده من رحمته، ثم دعا
الله، فليس له غنى عن الله: {قَالَ
رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ} [الحجر: 36] طلب من الله أن ينظره وأن يمد في حياته
إلى يوم البعث؛ من أجل أن يضل بني آدم، ويضر بني آدم بزعمه، فالله عز وجل استجاب
له: { قَالَ
فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ ٣٧ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ
٣٨} [الحجر: 37، 38].
فالشاهد
من هذا:
أن الله استجاب دعوة إبليس، وهو أكبر أعداء الله، فالله يعطي ويستجيب لأوليائه
ولأعدائه، ولكن أولياءه يستجيب لهم عن رضا ومحبة، وأعداءه يستجيب لهم وهو لا
يحبهم.
قوله
رحمه الله:
«وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَكُنْ عَوْنًا
عَلَى مَرْضَاتِهِ كَانَتْ زِيَادَةً فِي شِقْوتِهِ وَبُعْدِهِ» فاستجاب الله
لإبليس وأنظره،