×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 فهو القدوة، وقد أحالنا الله عليه في كل عمل؛ قال تعالى: {لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا} [الأحزاب: 21] فإذا أردت أن تجمع الشرطين: الإخلاص، والمتابعة، فاقتدِ بالرسول صلى الله عليه وسلم.

«بَلْ فِي عِبَادَةِ اللهِ كَمَا أَرَادَ اللهُ» أي: كما شرع الله.

قوله رحمه الله: «وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْكُثُ فِي خَلْوَتِهِ تَارِكًا لِلْجُمُعةِ، وَيَرَى ذَلِكَ قُرْبَةً» فمن العباد والصوفية من يخلو عن الناس وينقطع، ويترك الجمعة والجماعة؛ ليتفرغ للعبادة بزعمه! وهذا بعيد عن الله عز وجل.

«سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، لا يشهد جمعة ولا جماعة؟ فقال: هو في النار» ([1]).

فالخلوة التي تقطع عن الجمعة والجماعة، وعن الدعوة إلى الله، وعن تعليم الخير؛ هذه خلوة شيطانية، وكثير من هؤلاء يأتيهم الشيطان في خلوتهم فيضلهم عن سبيل الله، ويخرجون ملاحدة، والعياذ بالله.

قوله رحمه الله: «وَيَرَى مُوَاصَلَةَ صَوْمِ النَّهَارِ وَالْقِيَامِ بِاللَّيْلِ قُرْبَةً» يعني: يواصل صوم الليل بالنهار ولا يفطر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ»، الإنسان بشر؛ فلا يتحمل أن يكون دائمًا صائم الليل والنهار: {أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ} [البقرة: 187] إلى آخر الآية، وهذا للاستعانة به على صيام النهار، فإذا كان الإنسان لا يفطر أبدًا فهذا بعيد عن الله عز وجل وليس هذا ما شرعه الله: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ} [البقرة: 185]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ} [الحج: 78] فأنت إذا نظرت إلى هذا الدين، وجدته سمحًا سهلاً متيسرًا ولله الحمد، ليس فيه مشقة ولا خطر عليك، يسايرك مع كل أحوالك: المريض يشرع له عبادة، والمسافر له عبادة،


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (218)، وعبد الرزاق رقم (2055)، وابن أبي شيبة رقم (3475).