الضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَنْ أَعْمَالُهُ
عَلَى مُتَابَعَةِ الأَمْرِ، لَكِنَّها لِغَيْرِ اللهِ - تَعَالَى - كَطَاعَاتِ
المُرَائِينَ، وَكَالرَّجُلِ يُقَاتِلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَحِمْيَةً وَشَجَاعَةً
وَلِلْمَغْنَمِ، وَيَحُجُّ لِيُقَالَ، وَيَقْرَأُ لِيُقَالَ، وَيُعَلِّمُ
وَيُؤَلِّفُ لِيُقَالَ، فَهَذِهِ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ، لَكِنَّهَا غَيْرُ
مَقْبُولَةٍ؛ قال تعالى: {وَمَآ
أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ} [البينة: 5]، فَلَمْ يُؤْمَرِ
النَّاسُ إِلاَّ بِالعِبَادَةِ عَلَى المُتَابَعَةِ وَالإِخْلاَصِ فِيهَا،
وَالقَائِمُ بِهِمَا هُمْ أَهْلُ: {إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ}.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«الضَّرْبُ الرَّابِعُ: مَنْ أَعْمَالُهُ
عَلَى مُتَابَعَةِ الأَمْرِ، لَكِنَّها لِغَيْرِ اللهِ - تَعَالَى» أي: من
عنده متابعة، ولكن ليس عنده إخلاص لله عز وجل.
قوله
رحمه الله:
«كَطَاعَاتِ المُرَائِينَ» مثل الرجل
الذي يقوم ويحسن صلاته؛ لما يرى من نظر رجل إليه! الصلاة مشروعة، وهو متبع، ولكن
ليس هناك إخلاص؛ بل هو يريد المدح، يريد ثناء الناس عليه، هذا لا تقبل صلاته؛
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «أَلاَ
أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ
الدَّجَّالِ؟»، قال: قلنا: بلى، فقال: «الشِّرْكُ
الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ؛ لِمَا يَرَى
مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ»، هذا أخطر شيء على المسلم.
قوله رحمه الله: «وَكَالرَّجُلِ يُقَاتِلُ رِيَاءً وَسُمْعَةً وَحِمْيَةً وَشَجَاعَةً وَلِلْمَغْنَمِ» كما جاء في الحديث: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَِنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ،