وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ، وَعَلَّمَهُ
وَقَرَأَ الْقُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ:
فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ، وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ
فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ:
عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ
أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ
وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ
بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا
تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيهَا
لَكَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَدْ
قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ» ([1]).
لماذا؟
لأن من تعلم يريد المدح والثناء ومباهاة العلماء فهذا يسحب للنار، وكذا من يقاتل
حمية مع قومه، أو يقاتل للغنيمة، فهؤلاء ليسوا في سبيل الله، فالمدار على إخلاص
العمل لله عز وجل.
قوله
رحمه الله:
«وَيَحُجُّ لِيُقَالَ» من يحج ويعتمر
لأجل أن يقال: «فلان يحج ويعتمر»،
فإذا كان هذا قصده في قلبه فليس له حج أو عمرة؛ لأنه لم يحج لله، وإنما حج للمدح
والرياء، والمباهاة.
قوله
رحمه الله:
«وَيَقْرَأُ لِيُقَالَ» من يقرأ
القرآن ويزين صوته؛ لأجل أن يستمعه الناس ويمدحوه، وليس يقرأ تقربًا إلى الله، أو
تدبرًا للقرآن، نسأل الله العافية، القراء المراؤون بأعمالهم.
قوله رحمه الله: «وَيُعَلِّمُ وَيُؤَلِّفُ لِيُقَالَ» وكذلك من يشتغل بالعلم لأجل أن يمدح، فهذا ليس له نصيب عند الله سبحانه وتعالى وإن كان عالمًا متبحرًا.
([1])أخرجه: مسلم رقم (1905).