وَفِي الصَّحِيحِ: «إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ
أُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا» ([1]). قَالُوا: وَقَدْ سَمَّاهَا
جَزَاءً وَأَجْرًا وَثَوَابًا؛ لأَِنَّهُ شَيْءٌ يَثُوبُ إِلَى العَامِلِ مِنْ
عَمَلِهِ، أَيْ: يَرْجِعُ إِلَيْهِ.
قَالُوا:
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ المُوَازَنَةُ، فَلَوْلاَ تَعَلُّقُ الثَّوَابِ بِالأَعْمَالِ
عِوَضًا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَازَنَةِ مَعْنًى. وَهَاتَانِ
الطَّائِفَتَانِ مُتَقَابِلَتَانِ: فَالجَبْرِيَّةُ لَمْ تَجْعَلْ لِلأَْعْمَالِ
ارْتِبَاطًا بِالجَزَاءِ ألْبَتَّةَ، وَجَوَّزَتْ أَنْ يُعَذِّبَ اللهُ مَنْ
أَفْنَى عُمُرَهُ فِي الطَّاعَةِ، وَيُنَعِّمَ مَنْ أَفْنَى عُمُرَهُ فِي
مُخَالَفَتِهِ، وَكِلاَهُمَا سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، وَالكُلُّ رَاجِعٌ
إِلَى مَحْضِ المَشِيئَةِ.
****
الشرح
ويحتجون
بالحديث القدسي: «يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ
أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا» على أنها
عوض، والواقع أنها ليست عوضًا، وإنما هي سبب للسعادة.
قوله
رحمه الله:
«لأَِنَّهُ شَيْءٌ يَثُوبُ إِلَى
العَامِلِ مِنْ عَمَلِهِ» الثوب هو الرجوع، قال تعالى: {وَإِذۡ
جَعَلۡنَا ٱلۡبَيۡتَ مَثَابَةٗ لِّلنَّاسِ} [البقرة: 125]؛ أي: أنهم كلما ذهبوا يرجعون إليه،
وكلما ذهبوا عنه يرجعون إليه، ويترددون عليه؛ فالثوب هو الرجوع، والثواب سمي بذلك؛
لأنه يرجع إلى صاحبه.
قوله رحمه الله: «وَيَدُلُّ عَلَيْهِ المُوَازَنَةُ، فَلَوْلاَ تَعَلُّقُ الثَّوَابِ بِالأَعْمَالِ عِوَضًا عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَازَنَةِ مَعْنًى» يعني: الوزن، وكون الأعمال توزن يوم القيامة، فلو لم تكن الأعمال عوضًا عن الثواب لما كان للوزن فائدة.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2577).