×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 وَالقَدَرِيَّةُ أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ سبحانه وتعالى رِعَايَةَ المَصَالِحِ، وَجَعَلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَحْضِ الأَعْمَالِ، وَأَنَّ وُصُولَ الثَّوَابِ إِلَى العَبْدِ بِدُونِ عَمَلِهِ فِيهِ تَنْغِيصٌ بِاحْتِمَالِ مِنَّةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ بِلاَ ثَمَنٍ؛ فَجَعَلُوا تَفَضُّلَهُ سبحانه وتعالى عَلَى عبدِهِ بِمَنْزِلَةِ صَدَقَةِ العَبْدِ عَلَى العَبْدِ، وَأَنَّ إِعْطَاءَهُ مَا يُعْطِيهِ أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ أَحَبُّ إِلَى العَبْدِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ فَضْلاً مِنْهُ بِلاَ عَمَلٍ، وَلَمْ يَجْعَلُوا لِلأَْعْمَالِ تَأْثِيرًا فِي الجَزَاءِ ألْبَتَّةَ.

وَالطَّائِفَتَانِ مُنْحَرِفَتَانِ عَنِ الصّـِرَاطِ المُسْتَقِيمِ، وَهُوَ أَنَّ الأَعْمَالَ أَسْبَابٌ مُوصلَةٌ إِلَى الثَّوَابِ، وَالأَعْمَالَ الصَّالِحَاتِ مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ وَفَضْلِهِ، وَلَيْسَت قَدَرًا لِجَزَائِهِ وَثَوَابِهِ، بَلْ غَايَتُهَا إِذَا وَقَعَتْ عَلَى أَكمَلِ الوُجُوهِ أَنْ تَكُونَ شُكْرًا عَلَى أَحَدِ الأَجْزَاءِ القَلِيلَةِ مِنْ نِعَمِهِ سبحانه وتعالى فَلَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَو رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ.

****

الشرح

قوله رحمه الله: «وَالقَدَرِيَّةُ» هذا الطرف الثاني.

قوله رحمه الله: «أَوْجَبَتْ عَلَيْهِ سبحانه وتعالى رِعَايَةَ المَصَالِحِ»؛ ولذلك يقولون: «يجب على الله فعل الأصلح»، هذه عباراتهم، يوجبون عليه ويفرضون عليه - سُبْحَانَهُ - فعل الأصلح بزعمهم.

قوله رحمه الله: «وَجَعَلَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَحْضِ الأَعْمَالِ» أرجعت هذا إلى الأعمال لا إلى فضل الله ومنه وكرمه الذي يعطي على الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَظۡلِمُ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖۖ وَإِن تَكُ حَسَنَةٗ يُضَٰعِفۡهَا} [النساء: 40]، ولو كانت الأعمال عوضًا للجزاء ما استحق أحد دخول الجنة؛ لأن الأعمال قليلة، والنعم كثيرة، فلو قوبلت النعم بالأعمال ما صارت الأعمال بالنسبة للنعم شيئًا يذكر.


الشرح