قوله
رحمه الله:
«وَأَنَّ وُصُولَ الثَّوَابِ إِلَى
العَبْدِ بِدُونِ عَمَلِهِ فِيهِ تَنْغِيصٌ بِاحْتِمَالِ مِنَّةِ الصَّدَقَةِ
عَلَيْهِ بِلاَ ثَمَنٍ» هذا كلامهم في حق الله، وأنه لا يعطيهم الجنة والجزاء
تفضلاً منه؛ لأن هذا معناه المنة عليهم وأنهم لم يستحقوا هذا الشيء، وأن الله
أعطاهم إياه وتمنن عليهم بذلك، فقاسوه على المخلوق الذي لا يجوز له أن يمن على
غيره، أو يستكثر على غيره!
قوله
رحمه الله:
«فَجَعَلُوا تَفَضُّلَهُ سبحانه وتعالى
عَلَى عبدِهِ بِمَنْزِلَةِ صَدَقَةِ العَبْدِ عَلَى العَبْدِ» قاسوا الله على
العبد؛ فكما أن الله لا يجوز له أن يمن على غيره ويتكثر عليه ويقول له: «أنا عملت لك، وأعطيتك، وأنا وأنا»،
فقاسوا الله على ذلك، ما يعطي عباده تفضلاً، وإنما يعطيهم استحقاقًا لهم عليه؛
كاستحقاق الأجير على المؤجر!
قوله
رحمه الله:
«وَأَنَّ إِعْطَاءَهُ مَا يُعْطِيهِ
أُجْرَةً عَلَى عَمَلِهِ أَحَبُّ إِلَى العَبْدِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ فَضْلاً
مِنْهُ بِلاَ عَمَلٍ» فكون العبد يعطي الآخر مقابل عمله، أحسن من كونه يعطيه
بدون عمل؛ لأنه إذا أعطاه بعمله لم يكن له منة عليه، وأما إذا أعطاه من دون عمل
صار له منة، وصار يذكر هذا، ويقول: «أنا
فعلت، وأنا أعطيتك»، وكذلك الله - تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا -
عندهم: أنه لا يعطي الجزاء أو الجنة تفضلاً، وإنما يعطيها استحقاقًا للعبد، فليس
لله منة في ذلك!
قوله رحمه الله: «وَلَمْ يَجْعَلُوا لِلأَْعْمَالِ تَأْثِيرًا فِي الجَزَاءِ ألْبَتَّةَ وَالطَّائِفَتَانِ مُنْحَرِفَتَانِ عَنِ الصّـِرَاطِ المُسْتَقِيمِ» أي: الجبرية والقدرية طائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم الذي هو قول أهل السنة والجماعة.