×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 قوله رحمه الله: «فَلَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَو رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ» هذا حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولفظه: «لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ» ([1])، كيف؟ لأنهم لم يقوموا بحقه على التمام، فلا أحد يقوم بحق الله على التمام أبدًا، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم: يقول: «لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ([2])، فلو أن الله حاسبهم على نعمه وعلى فضله وإحسانه لهلكوا جميعًا ولكن الله يتفضل سبحانه وتعالى ويشكر على القليل، ويضاعف الحسنة إلى عشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإلا لو حاسب العباد لهلكوا، ولكنه - سُبْحَانَهُ - يتفضل عليهم، والقليل يضاعفه كثيرًا فضلاً منه وإحسانًا، فلو عذبهم كلهم لاستحقوا العذاب؛ لأنهم لم يقوموا بحقه على التمام؛ لأن حق الله لا يمكن لأحد أن يقوم به، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»، ثم قال: «وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ»، فلو رحمهم فرحمته واسعة سبحانه وتعالى، فهذا معنى الحديث، وليس معناه كما قالت الجبرية: «لو عذبهم لكان غير ظالم لهم؛ لأنه يفعل ما يشاء»! لا، ولكنه غير ظالم لهم؛ لأنهم لم يقوموا بحقه، ولو يوفوا نعمه التي أنعمها عليهم، فمن الذي خلقهم؟ من الذي وفقهم؟ من الذي رزقهم؟ من الذي هداهم؟ هو الله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4699)، وابن ماجه رقم (77)، وأحمد رقم (21589).

([2])أخرجه: أبو داود رقم (1427)، والترمذي رقم (3566)، والنسائي رقم (1448)، وابن ماجه رقم (1179).