الصنف الثالث: الصوفية الذين يقولون:
نحن لا نفعل العبادة للثواب ولا للعقاب، ولا نترك المعاصي لأجل أن نسلم من العقاب،
ولا نفعل الطاعة من أجل أن ننال الثواب، وإنما نفعلها نروض بها أنفسنا ونربيها حتى
تصفوَ وتأتيها الفيوضات من الله عز وجل.
وبعضهم
يقول:
إنا نعبده؛ لأننا نحبه، لا لأننا نخاف من ناره، أو نطمع في جنته. هذا قول الصوفية،
الذين يقولون: إنا نعبده لمجرد المحبة، لا خوف ولا رجاء، والذين يقولون منهم: إنا
نعبده لتصفو نفوسنا وتتهذب أخلاقنا، نفعلها من باب الرياضة النفسية، حتى تأتي
الفيوضات من الله عز وجل حتى إن بعضهم يتطلع أن يكون نبيًّا، ويتطلع إذا روض نفسه
للنبوة، ويزعمون أن النبوة مكتسبة وليست اصطفاءً واختيارًا من الله عز وجل ! هذا
قول الصوفية.
الصنف
الرابع:
أهل السنة والجماعة، الذين يقولون: «نحن
نعبد الله محبة وخوفًا، ورجاءً وطمعًا في ثوابه، وخوفًا من عقابه، وامتثالاً
لأمره، واجتنابًا لنهيه».
هذا
ملخص مواقفهم من العبادة، وقد سبق الصنفان الأولان، وننتقل الآن إلى الصنف الثالث؛
وهم الصوفية.
قوله رحمه الله: «وَاسْتِعْدَادُهَا لِفَيْضِ العُلُومِ والمَعَارِفِ عَلَيْهَا» من أين تفيض العلوم والمعارف عليها؟ بعضهم يقول: تفيض من العقل الفعال، لا يقولون: من الله؛ بل يقولون: «من العقل الفعال»! هؤلاء هم غلاة الفلاسفة، وقد قلدهم بعض الصوفية، ومنهم من يقول: «إن الفيوضات من الله، ولكننا لا نريد ثوابًا ولا عقابًا، وإنما نريد تهذيب نفوسنا فقط حتى يأتيها الفيض من الله عز وجل والعلوم من الله»؛