وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ القِيَامَ
بِالأَوْرَادِ وَعَدَمِ الإِخْلاَلِ بِهَا، وَهُمْ صِنْفَانِ أَيْضًا:
أَحَدُهُمَا:
مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا حِفْظًا لِلْقَانُونِ وَضَبْطًا لِلنَّامُوسِ،
وَالآخَرُونَ يُوجِبُونَهَا حِفْظًا لِلْوَارِدِ، وَخَوْفًا مِنْ تَدَرُّجِ
النَّفْسِ بِمُفَارَقَتِهَا إِلَى حَالِهَا الأُولَى مِنَ البَهِيمِيَّةِ.
فَهَذِهِ
نِهَايَةُ إِقْدَامِهِمْ فِي حِكْمَةِ العِبَادَةِ وَمَا شُرِعَتْ لأَِجْلِهِ.
وَلاَ
تَكَادُ تَجِدُ فِي كُتُبِ المُتَكَلِّمِينَ عَلَى طَرِيقِ السُّلُوكِ غَيْرَ
طَرِيقٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلاَثَةِ أَوْ مَجْمُوعَهَا.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَمِنْهُمْ مَنْ يُوجِبُ القِيَامَ
بِالأَوْرَادِ وَعَدَمِ الإِخْلاَلِ بِهَا» أي: يستمر على العبادة، ولا
يتركها، وكذا الأوراد يستمر عليها ولكن على المنهج الذي سبق.
قوله
رحمه الله:
«خَوْفًا مِنْ تَدَرُّجِ النَّفْسِ
بِمُفَارَقَتِهَا إِلَى حَالِهَا الأُولَى مِنَ البَهِيمِيَّةِ»، يقولون: لو
تركنا العبادة نخشى أن نرجع إلى البهيمية والسبعية؛ فهم ملازمون العبادة لأجل ألا
تعود عليهم النفوس البهيمية والسبعية.
قوله
رحمه الله:
«فَهَذِهِ نِهَايَةُ إِقْدَامِهِمْ»
أي: سيرهم؛ يعني: «في حكمة العبادة وما
شرعت لأجله»، هذا عند الصوفية والفلاسفة.
قوله رحمه الله: «وَلاَ تَكَادُ تَجِدُ فِي كُتُبِ المُتَكَلِّمِينَ عَلَى طَرِيقِ السُّلُوكِ غَيْرَ طَرِيقٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ الثَّلاَثَةِ أَوْ مَجْمُوعَهَا»؛ فكتب الصوفية كلها مشحونة بهذا الكلام، وليس فيها شيء من كلام أهل العلم وأهل البصيرة.