وَالصِّنْفُ الرَّابِعُ: هُمُ
القَائِلُونَ بِالجَمْعِ بَيْنَ الخَلْقِ وَالأَمْرِ وَالقَدَرِ وَالسَّبَب،
فَعِنْدَهُمْ أَنَّ سِرَّ العِبَادَةِ وَغَايَتَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ
حَقِيقَةِ الإِلَهِيَّةِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ سبحانه وتعالى إِلَهًا، وَأَنَّ
العِبَادَةَ مُوجِبُ الإِلَهِيَّةِ وَأَثَرُهَا وَمُقْتَضَاهَا، وَارْتِبَاطُهَا
كَارْتِبَاطِ مُتَعَلِّقِ الصِّفَاتِ بِالصِّفَاتِ، وَكَارْتِبَاطِ المَعْلُومِ
بِالعِلْمِ، وَالمَقْدُورِ بِالقُدْرَةِ، وَالأَصْوَاتِ بِالسَّمْعِ، والإِحْسَانِ
بِالرَّحْمَةِ، وَالإِعْطَاءِ بِالجُودِ.
فَعِنْدَهُمْ
مَنْ قَامَ بِمَعْرِفَتِهَا عَلَى النَّحْوِ الَّذِي فَسَّرْنَاهَا بِهِ لُغَةً
وَشَرْعًا وَمَصْدَرًا وَمَوْرِدًا؛ اسْتَقَامَ لَهُ مَعْرِفَةُ حِكْمَةِ
العِبَادَاتِ وَغَايَتِهَا، وَعَلِمَ أَنَّهَا هِيَ الغَايَةُ الَّتِي خُلِقَتْ
لَهَا العِبَادُ.
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَالصِّنْفُ الرَّابِعُ» هذا الصنف
الذي على الحق.
قوله
رحمه الله:
«أَنَّ سِرَّ العِبَادَةِ وَغَايَتَهَا
مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الإِلَهِيَّةِ وَمَعْنَى كَوْنِهِ سبحانه
وتعالى إِلَهًا»، فهم يعبدون الله تألهًا لله عز وجل عملاً وتعبدًا ومحبة،
وطاعة، هذا معنى الألوهية، العبادة معناها التأله والتعبد، والألوهية هي التعبد،
والإله هو المعبود.
قوله
رحمه الله:
«وَأَنَّ العِبَادَةَ مُوجِبُ
الإِلَهِيَّةِ وَأَثَرُهَا وَمُقْتَضَاهَا» العبادة مقتضى الألوهية، أنك تعبد
الله؛ لأنه إلهك وربك وخالقك، وأنه أمرك، فهم يجمعون بين الخلق والأمر، فهو خلقك
وأمرك بهذا.
قوله
رحمه الله:
«وَارْتِبَاطُهَا كَارْتِبَاطِ
مُتَعَلِّقِ الصِّفَاتِ بِالصِّفَاتِ»، كتعلق آثار الصفات بالصفات، فالصفات
لها آثار.
قوله
رحمه الله:
«فَعِنْدَهُمْ مَنْ قَامَ بِمَعْرِفَتِهَا
عَلَى النَّحْوِ الَّذِي فَسَّرْنَاهَا بِهِ لُغَةً وَشَرْعًا وَمَصْدَرًا
وَمَوْرِدًا؛ اسْتَقَامَ لَهُ مَعْرِفَةُ حِكْمَةِ العِبَادَاتِ وَغَايَتِهَا»
استقام له معرفة حكمة العبادات وغايتها المعرفة الصحيحة.
قوله رحمه الله: «وَعَلِمَ أَنَّهَا هِيَ الغَايَةُ الَّتِي خُلِقَتْ لَهَا العِبَادُ» قال تعالى: {وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ} [الذاريات: 56].