وَحَقِيَقَةُ العِبَادَةِ:
امْتِثَالُهَا، وَلِهَذَا قال تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ
فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا
سُبۡحَٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ}
[آل
عمران: 191]، وقال تعالى: {وَمَا
خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ} [الحجر: 85]، وَقال تعالى: {وَخَلَقَ
ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۢ بِمَا
كَسَبَتۡ} [الجاثية: 22].
فَأَخْبَرَ
اللهُ - تَعَالَى - أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالحَقِّ
المُتَضَمِّنِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَثَوَابَهُ وَعِقَابَهُ.
فَإِذَا
كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِنَّمَا خُلِقَتْ لِهَذَا وَهُوَ غَايَةُ
الخَلْقِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّهُ لاَ غَايَةَ لَهُ وَلاَ حِكْمَة مَقْصُودَة،
أو إِنَّ ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ اسْتِئْجَارِ العُمَّالِ حَتَّى لاَ يَتَكَدَّرَ
عَلَيْهِم الثَّوَاب بِالمِنَّةِ، أو لِمُجَرَّدِ اسْتِعْدَادِ النُّفُوسِ
لِلْمَعَارِفِ العَقْلِيَّةِ وَارْتِيَاضِهَا لِمُخَالَفَةِ العَوَائِدِ.
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَحَقِيَقَةُ العِبَادَةِ: امْتِثَالُهَا»
أي: امتثال الأمر والنهي، فيمتثل الأمر فيطيع، ويمتثل النهي فيجتنب المعاصي.
قوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا} [آل عمران: 191] قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰتٖ} [آل عمران: 190] أي: دلالات، {لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ} أي: لأصحاب العقول، فمحل الشاهد: {مَا خَلَقۡتَ هَٰذَا بَٰطِلٗا} يعني: عبثًا، فخلق السموات والأرض لحكمة، وهي عبادته وحده لا شريك له، وقال تعالى: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ وَلَا لِلۡقَمَرِ وَٱسۡجُدُواْۤ لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ} [فصلت: 37].