فخلق
السموات والأرض لحكمة عظيمة: أن يقوم العبد بعبادة ربهم، ويتفكروا في خلق السموات
والأرض، ولا ينظروا إليها للتسلي أو للنزهة، وإنما ينظرون إليها نظر اعتبار واتعاظ
واستفادة وتعظيم لله سبحانه وتعالى، وألا يكونوا كالذين قال الله فيهم: {وَكَأَيِّن
مِّنۡ ءَايَةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ يَمُرُّونَ عَلَيۡهَا وَهُمۡ عَنۡهَا
مُعۡرِضُونَ ١٠٥ وَمَا
يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ ١٠٦} [يوسف: 105، 106].
قوله
تعالى: {وَمَا
خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ} [الحجر: 85] أي: إلا
لحكمة وليس عبثًا؛ بل بحكمة، وهي: أن يعبد وحده لا شريك له، قال تعالى: {وَمَا
خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ} [ص: 27]، وقال: {أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ
كَٱلۡفُجَّارِ} [ص: 28] فهذا ظن الذين
كفروا، ولكن ظن الذين آمنوا أن الله ما خلق السموات والأرض باطلاً، وإنما خلقهما
لحكمة ومنفعة ومصالح، وأعظم ما يستفاد هو الاتعاظ والاعتبار؛ فإذا نظرت إلى هذا
الخلق دلك على أن له خالقًا حكيمًا، مدبرًا، قادرًا على كل شيء، وليس بعبث أو
صدفة، أو طبيعة! لا، فهذا مخلوق لحكمة ولغاية ولمنفعة والفائدة.
قوله
تعالى:
{وَخَلَقَ
ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّ}؛ يعني: ليس بالباطل والعبث {وَلِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۢ بِمَا
كَسَبَتۡ} [الجاثية: 22] هذه
الحكمة: أن الله يجزي كل نفس بما كسبت؛ نتيجة لخلق السموات والأرض؛ فالمؤمن يجزى
بالجنة، والكافر يجزى بالنار، بما كسب.