وَهَؤُلاَءِ غَالِبُهُمْ لاَ يَجِدُونَ
حَلاَوَةَ العِبَادَةِ ولاَ لَذَّتَهَا، وَلاَ يَتَنَعَّمُونَ بِهَا، وَلِهَذَا
يُسَمُّونَ الصَّلاَةَ وَالصِّيَامَ والزَّكَاةَ وَالحَجَّ وَالتَّوْحِيدَ
والإِخْلاَصَ وَنَحْوَ ذَلِكَ تَكَالِيفَ، أَيْ: كُلِّفُوا بِهَا، وَلَوْ سَمَّى
مُدَّعِي مَحَبَّة مَلِكٍ مِنَ المُلُوكِ أو غَيْرِهِ مَا يأَمْرُهُ بِهِ
تَكْلِيفًا لَمْ يَعُدْ مُحِبًّا لَهُ.
وَأَوَّلُ
مَنْ صَدَرَتْ عَنْهُ هَذِهِ المَقَالَةُ «الجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ».
****
الشرح
قوله
رحمه الله:
«وَهَؤُلاَءِ غَالِبُهُمْ لاَ يَجِدُونَ
حَلاَوَةَ العِبَادَةِ ولاَ لَذَّتَهَا» يعنى: ينتج عن هذا إذا كانوا يقولون: «إن الطاعة لمجرد الأمر، والنهي لمجرد الأمر
والمشيئة»، فلا يجدون في أنفسهم كراهية لمعصية، ولا يجدون للطاعة حلاوة
وتلذذًا، وإنما يفعلون لمجرد الامتثال فقط، ولا يجدون فيهما اللذة والراحة في
الطاعة، والكراهية والبغض للمعصية، وهذا من ثمرات هذا القول القبيحة.
قوله
رحمه الله:
«وَلِهَذَا يُسَمُّونَ الصَّلاَةَ
وَالصِّيَامَ والزَّكَاةَ وَالحَجَّ وَالتَّوْحِيدَ والإِخْلاَصَ وَنَحْوَ ذَلِكَ
تَكَالِيفَ» مجرد تكاليف، أن الله أراد أن يكلف العباد ويشق عليهم بها، وإلا
فهي ليس لها غاية ولا منفعة ولا ثمرة، وإنما أراد أن يكلفهم، فيسمونها تكاليف!
قوله
رحمه الله:
«وَلَوْ سَمَّى مُدَّعِي مَحَبَّة مَلِكٍ
مِنَ المُلُوكِ أو غَيْرِهِ مَا يأَمْرُهُ بِهِ تَكْلِيفًا لَمْ يَعُدْ مُحِبًّا
لَهُ» لو فعل هذا بالملوك الذين يحبهم وقال: «أوامركم ليس فيها فائدة، ونواهيكم ليس فيها فائدة»، هل يرضون عنه؟
وهل هذا يحبهم في الحقيقة؟ إذا كان هذا في المخلوق، فكيف ينسبه للخالق؟! لو جاء
إلى ملك من الملوك، وقال له: «أنت أوامرك
ليس فيها فائدة، فهي عبث، ونواهيك من باب العبث»،