×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

 الصِّنْفُ الثَّانِي: القَدَرِيَّةُ، النُّفَاةُ الَّذِينَ يُثْبِتُونَ نَوْعًا مِنَ الحِكْمَةِ والتَّعْلِيلِ لاَ يَقُومُ بِالرَّبِّ وَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْه، بَلْ يَرْجِعُ لِمَحْضِ مَصْلَحَةِ المَخْلُوقِ وَمَنْفَعَتِهِ، فَعِنْدَهُمْ أَنَّ العِبَادَاتِ شُرِعَتْ أَثْمَانًا لِمَا يَنَالُهُ العِبَادُ مِنَ الثَّوَابِ وَالنَّعِيمِ، وَأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَاءِ الأَجِيرِ أَجْرَهُ.. قَالُوا: وَلِهَذَا يَجْعَلُهُا سبحانه وتعالى عِوضًا، كَقوله تعالى: {وَنُودُوٓاْ أَن تِلۡكُمُ ٱلۡجَنَّةُ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} [الأعراف: 43]، وَقوله تعالى: {هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} [النمل: 90]، وَقوله تعالى: {ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} [النحل: 32]، وَقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ} [الزمر: 10].

****

الشرح

قوله رحمه الله: «الصِّنْفُ الثَّانِي» وهم على النقيض من الصنف الأول، وهم «القَدَرِيَّةُ، النُّفَاةُ»؛ فالجهمية يقال لهم: «القدرية الغلاة»، الذين غلوا في إثبات القدر، وقالوا: «العبد مجبور، لا اختيار له، ولا مشيئة له، وإنما هو مجبور على أفعاله»، وقد سموا بالجبرية، فغلوا في إثبات القدر حتى نفوا أفعال العبد واختيار العبد ومشيئة العبد، وقالوا: «الأمر كله راجع إلى الله، والعبد إنما هو محرك ومدبر فقط»! هؤلاء هم الجبرية والجهمية، جمعوا بين جيم الجبر وجيم التجهم.

قابلهم وخالفهم: المعتزلة، القدرية النفاة، معبد الجهني ومن جاء بعده، فقالوا: «العبد له اختيار مستقل، وله مشيئة مستقلة، وأفعاله ليست مخلوقة لله، ولا مقدرة من الله، وإنما هي أفعاله هو، أنف؛ أي: مستأنفة»، فهم عاكسوا الجهمية والجبرية؛ فسموا بـ «القدرية»، وسموا مجوس هذه الأمة؛ لأنهم أثبتوا خالقين مع الله، إذا كان العباد يخلقون أفعالهم صاروا شركاء لله في الخلق، فصاروا مجوسًا؛ 


الشرح