×
إفَادَة الْمُسْتَفِيد فِي شَرْحِ تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ الْمُفِيد

فالمجوس يقولون: «إن الخلق نشأ عن النور والظلمة، عن خالقين: خالق للخير، وخالق للشر»! فالمعتزلة القدرية زادوا عليهم، فقالوا: «كل إنسان يخلق فعل نفسه»؛ فسموا «مجوس هذه الأمة» ([1])، ونفوا القدر، وقالوا: «إن الله لم يقدر هذا الشيء، وإنما العبد هو الذي فعله وابتكره من غير أن يكون له إرادة فيه، ولا أن الله خلق أفعال العباد»، مع أن الله عز وجل يقول: {ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ} [الزمر: 62]، {وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ} [الصافات: 96]؛ فالله خالق كل شيء، فنفوا الخالقية عن الله عز وجل وجعلوها للعباد! تعالى الله عن ذلك، فهم على النقيض من مذهب الجبرية.

قوله رحمه الله: «القَدَرِيَّةُ، النُّفَاةُ» يعني: نفاة القدر.

قوله رحمه الله: «الَّذِينَ يُثْبِتُونَ نَوْعًا مِنَ الحِكْمَةِ والتَّعْلِيلِ لاَ يَقُومُ بِالرَّبِّ وَلاَ يَرْجِعُ إِلَيْه، بَلْ يَرْجِعُ لِمَحْضِ مَصْلَحَةِ المَخْلُوقِ وَمَنْفَعَتِهِ» فيجعلون المخلوق خلق أفعاله مستقلًّا عن الله عز وجل لم يقدرها الله عليه، ولم يشأها له، وإنما العبد هو الذي شاءها وأرادها مستقلًّا بها، وأوجدها وخلقها! هذا مذهب القدرية النفاة، من المعتزلة وغيرهم.

قوله رحمه الله: «فَعِنْدَهُمْ أَنَّ العِبَادَاتِ شُرِعَتْ أَثْمَانًا لِمَا يَنَالُهُ العِبَادُ مِنَ الثَّوَابِ وَالنَّعِيمِ» فعند هؤلاء القدرية أن العبد يستحق الجنة بعمله، أي: أن الله لم يتفضل عليه بذلك، وإنما يستحقها بعمله وطاعته، استحقاقًا ليس لله فيه تدخل ولا تفضل ولا منة! تعالى الله عما يقولون، فيجعلون دخول الجنة إنما هو باستحقاق العبد، لا برحمة الله، ولا بفضله ومنه وكرمه، وهذا ينافي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ».


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4691)، وابن ماجه رقم (92)، وأحمد رقم (5584).