وأشرف العبودية عبودية الصلاة، وقد تقاسمها
الشيوخ والمتشبهون بالعلماء والجبابرة، فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها؛ وهو
السجود، وأخذ المتشبهون بالعلماء منها الركوع، فإذا لقي بعضهم بعضًا ركع له، كما
يركع المصلي لربه سواء، وأخذ الجبابرة منهم القيام فيقوم الأحرار والعبيد على
رؤوسهم عبودية لهم وهم جلوس وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأمور
الثلاثة على التفصيل فتعاطيها مخالفة صريحة له، فنهى عن السجود لغير الله، وقال:
«لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَسُجَدَ لأَِحَدٍ»، فأنكر على معاذ لما سجد له
وقال: «مَهْ» ([1]).
****
الشرح
قوله رحمه الله: «فيقوم الأحرار والعبيد على رؤوسهم عبودية لهم وهم جلوس» من باب التعظيم، فإذا قاموا على رأسه من باب التعظيم فهذا عبودية ولا يجوز، وهذا أبغض الخلق إلى الله، وأما إذا قاموا على رأسه للحراسة فلا بأس بذلك، هذا للحاجة، فوقوف الحرس؛ لأجل الرصد ولأجل حماية ولي الأمر هذا لا بأس به، وإنما إذا كان هذا من باب التعظيم له؛ فكما جاء في الحديث: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ([2])، وانظر: لقد أخذ هؤلاء الركوع والسجود والقيام.
([1])أخرجه: ابن حبان رقم (4167)، والآجري في الشريعة رقم (1072)، والضياء في المختارة رقم (2130).