×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

 بعد ذلك بيَّن ما يجب نحو هؤلاء: هل نسْكُتُ، ونترُك هؤلاءِ كما يُطالبُ بذلك اليوم بعضُ الجهَّال، يقولون: اتركوا النَّاس، ولا تَدْرُسوا مذاهِبَهم ولا شُبَهَهُم، ولا ترُدُّوا عليهم ما لكم ولهم، اتركوهم.

الإمام ابنُ القيم يقول: «لا» لا نَتْرُكُهم، هؤلاء يجب جهادُهم قبلَ جهاد الكُفَّار بماذا نجاهدهم؟ بالأسلحةِ «لا» نجاهِدُهم برَدِّ باطلهم ودحْضِ زَيْفِهم ومناقشةِ شُبَهِهِمْ هذا هو جهادُهم.

أمرَ اللهُ بجهادِ الكُفَّارِ والمُنافِقين، فالكفَّار يُجاهَدون بالسَّيفِ والسِّنان، والمنافقون يُجاهدون بالحُجَّةِ واللِّسان، وهؤلاء أشدُّ المنافقين، وهم أخطرُ على الإسلام من غيرِهم؛ فيَجِبُ مُجابهتُهُم، والوقوف ضِدَّهُم، وبيانُ باطلهِم، وتجليةُ حقائقهِم، وبيانُ ما يؤول إليه مذهبُهم؛ حتى يكون النَّاس على بصيرةٍ، ولئلا تنطَلِيَ شُبُهاتُهم؛ لأنَّ كُتُبَهم الآنَ كثيرةٌ ومُنتشرةٌ، فالمَطابع تقذِفُ إلينا مِن كل جانب، وَوَرَثَةُ هؤلاءِ ينشُرونها، ويُحَقِّقُونَها ويُقدِّمونَ لها، ويُروِّجُونها، فلا بُدَّ في المقابلِ أن نُخْرِجَ كُتُبَ السَّلَفِ والأئِمَّةِ التي تَرُدٌّ على هؤلاءِ، وأن نُدرِّسَها، والمَفْقُودُ منها نبْحَثُ عنه، ونُخْرِجه للنَّاسِ، هذا أمرٌ واجبٌ، وهو من الجهادِ في سبيل الله.

فإن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أُمِرَ به قبلَ الجهاد بالسَّيْفِ، أُمِرَ به يومَ أن كان بمكةَ؛ لأنَّ اللهَ أمرَ به يومَ أن كان الرَّسولُ بمكةَ ليس هناك جهادٌ بالسيفِ، ومع ذلك أَمَرَهُ الله: ﴿فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ الآية [الفرقان: 52] هذه مَكِّيَّةٌ ﴿وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ [الفرقان: 52] الضميرُ يرجِعُ إلى القرآنِ يعني: جاهدهم بالقرآنِ العظيم والحُجَجِ القرآنيَّةِ، فيجبُ جهادُ هؤلاءِ بِحُجَجِ الكتابِ والسُّنَّةِ، وبيانُ باطلِهم وتَجْلِيَة مذهبِهم وألاَّ نَغْفُلَ عن ذلك، ونسْكُتَ عنه، ونتجاهلَهُ.


الشرح