×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

يجبُ علينا مقاومةُ أهلِ هذا المذهبِ قبل مُقاومةِ غيرِهم مِن أهلِ الباطل؛ لأنَّ هذا مذهبٌ يتَّسِمُ بأنَّهُ مذهبٌ إسلاميٌّ، أمّا مذهبُ الكُفْرِ والإلحادِ فهذا مفضوحٌ ومعرُوفٌ أنه كُفْرٌ وإلحادٌ لكِنَّ المُشْكِلَ الذي يأتيكَ مُتَلَبِّسًا بالإسلامِ، وهو يأخذُ نُصوصَ القرآنِ ونصوصَ السُّنَّةِ المُتعلِّقَةِ بالله، ويجْحَدُها، ويُؤَوِّلُها، ويُجهِّلُ النَّاس بها هذا أشدُّ خطرًا.

والسكوتُ عنه والإعراضُ عنه أخطَرُ مِنَ السُّكُوتِ عن جهادِ الكُفَّار والمنافقين الخارجين، هذا هو مقصودُ الإمامِ رحمه الله، أنَّ هؤلاءِ لا يجوزُ السُّكُوتُ عنهم، ولا تَرْكُ مذاهبِهم تنتشرُ بين النَّاس، ولا إعطاءُ الفُرْصَةِ لِكُتُبِهم أنْ تنْتَشِرَ بين النَّاس، وتكونُ بأيدي الجُهَّال وبأيدي شباب المُسلِمِين، بل يجبُ أن يُبصَّرُوا بها، ويُحذَّرُوا منها، وأن يُبَيَّنَ لهم باطِلُها؛ حتَّى نأمنَ على عقائدِنا وشبابِنا وعلى بلادِنا من دُخول هذه المذاهب الفاسدة.

ولذلك الكفّارُ لا يُجاهَدُونَ، ولا يُقاتَلُونَ إلا بعد الدَّعوةِ وبيانِ الحَقِّ لهُم، فيُبَيَّنُ لهم الحقُّ، ويُدْعَوْنَ إلى قَبُولِه والدُّخُول في الإسلام، فإنْ أبَوْا فإنَّهم يُقاتَلُون بالسَّيف، لكن لا يُقاتَلُون بالسَّيفِ حتى تُقامَ عليهمُ الحُجَّةٌ بالقرآنِ والسُّنَّةِ، وبيان أنَّ ما هم عليهِ هو الكُفْرُ، فالجهادُ بالحُجَّةِ مُقَدَّمٌ على الجهادِ بالسيفِ.

فأهلُ الحَقِّ يُقاومونَ أهلَ الباطلِ، والمنافقُ يعيشُ في راحةٍ ورغَدٍ، ولا كأنَّ الأمر يُهِمُّه، كما قال تعالى في أهل النِّفاقِ: ﴿لَوۡ يَجِدُونَ مَلۡجَ‍ًٔا أَوۡ مَغَٰرَٰتٍ أَوۡ مُدَّخَلٗا لَّوَلَّوۡاْ إِلَيۡهِ وَهُمۡ يَجۡمَحُونَ [التوبة: 57] هذه صِفةُ أهلِ النِّفاق: ﴿وَقَالُواْ لَا تَنفِرُواْ فِي ٱلۡحَرِّۗ [التوبة: 81] ويُخَذِّلون عن الجهاد، دائمًا يَدْعُون إلى الرَّاحةِ وإلى التلذُّذِ بالدُّنيا، وينهَوْنَ عن ارتكاب


الشرح