×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

 المشاقِّ وعن الجهاد في سبيل الله، فالجِلاد مع الأعداء: «يَدْعُون إلى المُسالَمةِ حتى يتمَكَّنَ الباطلُ، ويدخُلَ إلى قعرِ بلاد المُسلِمِين، وهم يقولونَ: تلذَّذُوا بِدُنياكم، واجلِسُوا في الظِّلِّ والبراد... إلى آخره».

ومنهم الذين يقولون: لا تَردُّوا على أهلِ الباطلِ، يقولونَ: فالآنَ هذا عَجِلٌ وطائِشٌ ومُتسرِّع وعقليتُه ليست مَضبوطةً إلى غيرِ ذلك من الأوصافِ القبيحة، وأنَّهم لا يَعرفونَ فِقْه الواقع.

بعضُ أدِلَّةِ عُلُوِّ الله على خلقِه في القرآنِ الكريم وفي السُّنَّةِ النَّبوِيَّةِ، مِن صُعود الكَلِم الطَّيِّبِ إليه، ومِن عُروج الملائكة إليه، وعُروج الأنبياءِ كعيسى ومحمد عليهما الصَّلاة والسلامُ، والعروجُ معناه: الصُّعُود، وأرواحُ المؤمنين إذا قُبِضَتْ يُصْعَدُ بها إلى السَّماءِ، كُلُّ هذه تدلُّ على عُلُوِّ الله على عَرْشِه؛ لأنَّ الصعودَ إنَّما يكونُ من الأسفلِ إلى الأعلى.

لمّا سَمِعَ المُعَطِّل الذي ينْفِي العُلوَّ هذه الأدِلَّة مِمَّن أوْرَدَها عليه في المجلسِ المذكور لم يستطِع الإجابة عليها فسكتَ، وفي نفسهِ التعطيلُ، ولكنَّهُ لم يستطِع رَدَّ الأدِلَّةِ؛ لأنها أدِلَّةٌ مُفحِمَةٌ، ولمَّا لم يستطِع المعطِّلُ ردَّ الأدلة التي أوردَها عليه المُثبِتُ، ذهبَ إلى قومِه وإلى أمثالِه من المُعطِّلين، وتشاوَرُوا فيما بينهم، ولفَّقُوا شُبُهًا أوْحَى بها بعضُهم إلى بعض ثُمَّ دعَوا المُثْبِت إلى مجلسِهم.

لمّا أبَوا عقْد المُحاكمَةِ طلبَ منهم أن يكتُبوا ما عندهم كتابة، وأن يُقدِّموها إليه ليقرأها، وينْظُرَ، فإن كان فيها حَقٌّ قَبِلَهُ، وإن كان فيها باطلٌ ردَّهُ وبيَّنَهُ لهُم؛ لأنَّ الكتابة أسْتَرُ لهم من حُضورهم في مجلس الحاكمِ وانهزامِهم أمامَ الحاكم وأمامَ الحاضرين، فهو انتقلَ بهم إلى درجةٍ أخرى، وهي الكتابةُ بأن يكتُبوا ما عندهم من الحُجَج والدلائل،


الشرح