للهِ زائرةٌ بليلٍ لم تَخَفْ **** عَسَسَ
الأميرِ ومَرْصَدَ السَّجَّانِ
****
وبيان ما يخالفها من عقائد أهل الضلال، مع الردّ عليهم
ونقض شُبَههم، وبيان فساد أصولهم التي بنوا عليها مقالاتهم. وقد صوّر عقيدة أهل
الحق بفتاة حسناء جميلة تحبها القلوب، وتهواها الأنفس الطيبة - وأنها هي التي حكم
القاضي العدل بحسنها وجمالها ومحبة الفطر السليمة والعقول المستقيمة لها، وهذا
يُسمّونه: «الغَزَل البريء» الذي ليس فيه إثم، وهو وصف المحبوبة، ووصف جمالها،
وأنه حصل بينه وبينها شيء من الوعود باللقاء والوصال، كلُّ هذا تخيُّل، وهو يريد
بهذا الدخول إلى المقصود الذي هو مسألة «العقيدة السلفية واتباع الكتاب والسُّنة»
هذا هو مقصودُه لكنه قدّم له بهذه المقدمة، فالعقيدة الصحيحة صوَّرها في صورة
امرأةٍ حسناء جميلة، ويرغب فيها العُشَّاق، ولكن هذه الحسناء الجميلة ليست سهلة
المَنالِ، لا بد من تعب في تحصيلها والوصول إليها، لا بد من التَّعب في طلبها؛ لأن
العقيدة لا بُدّ من تعلمها، ولا بد من معرفة أدلتها ومعرفة أصولها، مثل العاشق الذي
يريد الوصول إلى معشوقته فلا يصل إليها إلاّ بتعبٍ وجهدٍ، ورُبَّما يتْعبُ ولا يصل
إليها.
هذه في نظري هي العقيدة التي صورها بصورة امرأة حسناء أتت إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ومكة زائرة المكان الذي صدرت منه حينما علَّمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه في مكَّة والمدينة بخلاف عقيدة أهل الضلال المبنيَّة على قواعد المنطق وأفكار المُتكلِّمين فإن مصدرها من اليونان وبلاد الكَفَرة.