×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

والنَّاس أكثرُهمْ فأهلُ ظواهرٍ **** تبدو لَهُمْ ليسوا بأهلِ معانِ

فهُمُ القُشُورُ وبالقُشُورِ قوامُهُمْ **** واللُّبُّ حظُّ خلاصَةِ الإِنسَانِ

ولذا تَقسَّمتِ الطوائفُ قولَه **** وتَوارَثُوهُ إرْثَ ذي السُّهْمانِ

****

 هذه هي المُصيبة، أنّ أكثر النَّاس ينظرون إلى المظاهر، ولا ينظرون إلى الحقائق، ينظرون إلى المظاهر والتزويق والحُجَج الواهية، ولا ينظرون إلى الحقائق والمآل، إنّما ينظر إلى هذا أهل العقول الذين ينظرون إلى العواقب والمقاصد، وينظرون إلى الثمرات التي تترتّب على هذا الشيء، وإلى المفاسد التي تترتّب عليه، ولا ينخدِعُون بالمظاهر، فبنو إسرائيل: أهل ظواهر غرَّهم العجل، وظنوهُ أنه الله، وأصحاب جَهْم غرتهم مقالته وتلبيساته؛ فظنوها حقًّا، فصدَّقوها، وقبِلُوها منه، وهي الكُفر الصريح.

ولما كان النَّاس أكثرهم أصحاب مظاهر، أخذوا مقالة الجهم، وتقاسموها كتقاسم الورثة إرثَ الميِّتِ، فأخذتْها المعتزلةُ، وأخذتْها الأشاعرةُ، وأخذتها الماتريديّة، وأخذتها سائر الطوائف التي تنفي صفات الرب سبحانه وتعالى أو بعضها. أخذوا مقالة الجَهْم هذه، وهي أصل الضلالة، وتشعبت في النَّاس، وأخذتها الطوائف، كلٌّ على قدر ما أخذ منها؛ فكلّ أصحاب الفرق الضالة عندهم نصيبٌ من مقالة الجهم، وأوفر النَّاس حظًّا منها، المعتزلة قبحهم الله.


الشرح