والعبدُ في التحقيقِ شبهُ نَعامةٍ **** قد كُلِّفت
بالحَمْلِ والطيرانِ
إذا كان صورتَها تدلُّ عليهما **** هذا وليسَ لها
بذاك يَدَانِ
فلذاك قال بأنَّ طاعاتِ الورَى **** وكذاك ما فعلوهُ
من عصيانِ
هي عينُ فعلِ الرَّبِّ لا أفعالُهمْ **** فَيَصِحُّ عنهُمْ
عند ذا نَفْيانِ
نفيٌ لقُدْرَتهمْ عليها أوَّلاً **** وصدورُها منهم
بنَفْيٍ ثانِ
****
النعامة إذا رأيت لها جناحين حسبت أنها تتمكن من الطيران،
وإذا رأيت صورتها شبّهتها بالجمل، فكأنها يمكنها أن تحمل الأثقال، وهي لا تستطيع
الأمرين: لا الطيران ولا الحَمْل، كذلك الإِنسَان على قول الجَهْم لا يستطيع
شيئًا، وإن كانت صورته صورة الذي يستطيع، لكن الحقيقة أنه لا يستطيع، فهو مثل
النعامة، صورتها صورة الطير والجمل، وهي في الحقيقة لا تعمل عمل الطير ولا عمل
البعير، كذلك الإِنسَان عند الجَهْم.
ليس لها قوة على الحمل ولا قوة على الطيران.
لا هم يقدرون عليها - أي أفعالهم - ولا هي صدرت عنهم، وإنّما هي فعل الله عند الجَهْم ولا فرق بين الطاعة والمعصية والكفر والإِيمَان.