فيُقال ما صاموا ولا صلَّوْا ولا **** زكَّوا ولا ذبحوا
من القربانِ
وكذاك ما شربوا وما قتلوا وما **** سرَقُوا ولا فيهم
غَوِيٌّ زانِ
وكذاك لم يأتُوا اختيارًا منهُمُ **** بالكفرِ
والإسلامِ والإِيمَانِ
إلاَّ على وجهِ المجازِ لأنها **** قامَتْ بهم كالطَّعْم
والألوانِ
****
وإنما الله عند الجَهْم هو الذي صلّى، وهو الذي صام، وهو
الذي ذبح، وهو الذي فعل الطاعة، وأمّا العبد فلم يفعل شيئًا من هذه الأمور.
وكذلك المعاصي كلها فلا يُقال: شربوا الخمر، ولا يُقال:
زنوا ولا يُقال: قتلوا النفوس ظلمًا وعدوانًا، وإنما هي أفعال الله لا فرق بين
العاصي والمطيع ولا بين المعصية والطاعة ولا بين الكفر والإِيمَان، لا لوم على العباد،
ولا مدح لهم في الطاعات. لا يُمدحون على الطاعات، ولا يُذمّون على المعاصي؛ لأنها
ليست أفعالهم.
لكنها أُضيفت إليهم من باب المجاز؛ لأنهم محلٌّ لها
فصُنِعت فيهم، فإضافتها إليهم من باب المجاز، والمجاز اتخذوه طاغوتًا يحملون عليه
كفرهم وضلالهم، كل شيء يقولون عنه: إنه مجاز، وليس هو بحقيقة، فأفعالُ العباد مثل
الطعم في الحلو والمر، ومثل الألوان: الحمرة والسواد والبياض في الأجسام تقوم بها
اضطرارًا لا اختيارًا منها، فكذلك الطاعات والمعاصي، مثل الألوان والطعوم
اضطرارية، وليست اختيارية.