وَإِذا تكاثَرَتِ الخُصُومُ وَصَيَّحُوا **** فاثْبُتْ
فصَيْحَتُهُمْ كَمِثْلِ دُخَانِ
يَرْقَى إلى الأوْجِ الرَّفِيعِ وبَعْدَهُ **** يَهْوِي إلى
قَعْرِ الحَضِيضِ الدَّانِي
هذا وإنَّ قِتالَ حِزْبِ اللهِ بالـ **** أعْمَالِ لا
بِكَتائِبِ الشُّجْعَانِ
واللهِ مَا فَتَحُوا البِلاد بِكَثْرَةٍ **** أنَّى
وأعْدَاءَهُمْ بِلا حُسْبَانِ
****
صيحة أهل الباطل
مثل الدُّخان يضمحل.
يتكاثفُ الدُّخان ويغطي السماء، ويرتفع ثم سرعان ما
ينخفض، ويضمحل وكذلك أمر الباطل.
قتال حزب الله إنّما هو بالإِيمَان وبالأعمالِ الصّالحة
لا بكثرةِ الجنود، وإنما الأعمال الصالحة هي سلاحهم.
يُحرض الشيخ رحمه الله في هذه الأبيات على جهاد أعداء الله بالسّيف في المعركة وباللسان في المناظرة، فالمُسلِمُون ما فتحوا المشارق والمغارب بكثرة الجنود؛ لأنَّ خصومهم من الفُرس والروم أكثر منهم، وإنَّما فتحوها بالإِيمَان والعقيدة الصحيحة، ولم يفتحوا القلوب بالكلام والأقوال والآراء الكثيرة، وإنما فتحوها بالكتاب والسُّنَّة، وأثَّروا في القلوب؛ فامتلأت بالعلم والإِيمَان، بالكتاب والسُّنَّة لا بقول فلان ولا بقول علاّن. إنما انتصروا بالعقيدة الصحيحة وبالعلم النافع، فنشروا العلم في المشرق والمغرب، ودخل النَّاس في دين الله أفواجًا، وانتشرت مملكة المُسلِمِين بهذين السببين: الجهاد الصادق بالعدة وبالعلم النافع.