×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

قالوا ولم يك كافرًا في قوله **** أنا ربكم فرعون ذو الطغيانِ

بل كان حقًّا قوله إذ كان عيـ **** ـن الحق مضطلعًا بهذا الشانِ

ولذا غدا تغريقه في البحر تطـ **** ـهيرًا من الأوهام والحسبانِ

قالوا ولم يك منكرًا موسى لما **** عبدوه من عجل لذي الخورانِ

****

قال أصحابُ وحدةِ الوُجود: إنَّ فرعونَ مُصيبٌ في ادِّعائِه الربوبيةَ لأنه هو جزءٌ من هذا الكونِ فهو غيرُ غالِطٍ حين قال: «أنا ربُّكم» ولذلك طهَّره اللهُ بالماءِ تطهيرًا؛ لأنَّه خصَّص العبادةَ بشخصِه فقط، فاللهُ طهَّرهُ بالماء من هذا القولِ حيثُ ظَنَّ أنه وحدَه هو الربُّ وقال: ﴿أَنَا۠ رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ [النازعات: 24] ولو قال: كلُّ شيءٍ هو ربُّكم صار مُوحِّدًا، لذلك لما غَلَط طهَّرَه اللهُ وغسَّلَهُ فتغريقُه ليس تعذيبًا له بل تطهيرًا له لأنَّه خصَّ الربوبيةَ بشخصِه فقط.

يقولون: إنَّما أنكَرَ موسى على هارون، ولم يُنكِر على بني إسرائيل حينَ عبدُوا العجل، بل أنكَرَ على هارون وأخذَ برأسِه يجرُّه إليه؛ لأنَّ هارون أنكَرَ عليهم الحَق، وكان الواجِبُ أن يسكُتَ ولا يُنكِر عليهم؛ لأنَّ عبادتَهم العجلَ هي التوحيد، فهم قلبُوا الحقيقةَ وجعلوا هارونَ هو المُخطِئ وجعلوا عَبَدةَ العِجْلِ مُصِيبين، ولما قال السَّامِري: ﴿هَٰذَآ إِلَٰهُكُمۡ وَإِلَٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ [طه: 88] كان على صوابٍ في هذا، وإنَّما الذي غلَطَ هو هارونُ حيثُ أنكَر عليهم، ولذلك عاقبَه موسى وأخذَ يجُرُّهُ إليه.


الشرح