فيرى دَبيبَ النَّمْلِ في غَسَقِ الدُّجى **** ويرى كذاكَ
تَقلُّبَ الأجفانِ
وضجيجُ أصواتِ العبادِ بِسَمْعِهِ **** ولديه لا
يَتَشابَهُ الصوتانِ
وهو العليمُ بما يوسوسُ عبدُه **** في نفسِه من غيرِ
نُطقِ لسانِ
بل يستوي في علمه الداني مع الْـ **** ـقاصي وذو
الإسرارِ والإعلانِ
****
كلُّ الناسِ
يدعونه في وقتٍ واحد، يضِجُّون بالدعاء، وأصواتُهم مختلفة، ولغاتُهم مختلفة،
وحاجاتُهم مختلفة، ومع هذا يقضِي حوائجَهم، ويسمعُ أصواتَهم سبحانه وتعالى، ويعلمُ
ما يُريدون، ولا يلتبسُ عليه هذا بهذا ولا هذا بهذا، فاللهُ تعالى لا يُعجِزُه
شيء، ولا تختلِطُ عليه الأصوات. يرزُقُ العبادَ كلَّهم في لحظةٍ واحدةٍ، ويسمعُ
دعواتِهم كلِّهم في أقطارِ الأرضِ في لحظةٍ واحدةٍ، سواء كانوا في أمكنةٍ متفرقةٍ
أو في مكانٍ واحد، كما في عرفاتَ التي يجتمعُ فيها مئاتُ الألوفِ من الحُجَّاجِ
كلُّهم يدعون اللهَ تعالى وبلُغاتٍ مختلفة، وحوائجَ مختلفة، وكلُّهم يَقضِي
حاجاتِهم سبحانه إذا توافرَتْ شروطُ الإجابة.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ وَنَعۡلَمُ مَا تُوَسۡوِسُ بِهِۦ نَفۡسُهُۥۖ وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ﴾ [ق: 16] الوسوسةُ التَّخيُّلات التي في النَّفسِ ولا ينطِقُ بها اللسانُ يعلمُها سبحانه وتعالى. لا يختلِفُ في علمِه وسمعِه سبحانه وتعالى القاصِي والداني، ولا الإعلان ولا الإسرار كلُّه سواء، ﴿يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخۡفَى﴾ [طه: 7].