وإنما لأنه عارضَ السياسة، هكذا يقولُ هؤلاء الحُثالات
مع أنَّ المسألةَ خطيرةٌ جدًّا، إذا تصوَّرتها وتأمَّلتها عرفتَ فقهَ الإمامِ
أحمدَ رحمه الله وإدراكَه وفقهَ الأئمةِ الذين وقَفوا مع الإمامِ أحمد، ورأيتَ
خطأَ الذين تسَاهلوا وتخاذلوا في هذه المسألة.
إن المسألةَ تستحِقُّ العناية البالغة ليندحر هذا الباطل؛ لأن خُلاصتها: أنه لا كلام لله بيننا، وأن هذا القرآن ليس كلام الله فدوسوا عليه بالأقدام وأهينوه، لأنه ليس بكلام الله، واعتبروه مثل سائر الكلام - تعالى الله عن ذلك -، هذه نتائجهم وآثارهم وباطلهم - تعالى الله عمّا يقولون - كلّها أقوال تصبُّ في شيءٍ واحد: وهو أنه ليس لله كلامٌ نزل على الرسل لا على إبراهيم ولا على موسى ولا على عيسى ولا على محمد صلى الله عليه وسلم ولا على داود، كلّ هذه إنما هي مخلوقة لفظًا ومعنى، أو مخلوقة لفظًا دون المعنى، فالمسألة خطيرة جدًّا، فلا تتأثروا بأقوال المعاصرين، فهُم إمَّا جُهَّال لا يعلمون بُطلان هذا القول، وإمّا كتَّاب حداثيون يريدون أن يُفسِّروا الوقائعَ بغيرِ تفسيرِها ويُجهِّلوا الأئمةَ أو يَنسبوهم للتعصُّب لآرائهم أو لأمورٍ سياسية.