ثمَّ الأُوْلَى قالوا بغير مشيئةٍ **** وإرادةٍ منه
فطائفتانِ
إحداهما جعلَتْه معنًى قائمًا **** بالنفسِ أو قالوا
بخمسِ معانِ
****
فهؤلاء
الكرّامية يقولون: القرآن كلام الله حقيقة لفظًا ومعنى، فهم يوافقون أهل السنة في
ذلك تمامًا، إلا أنهم خالفوا أهلَ السنةِ بأنَّ كلامَ اللهِ له بدايةٌ كسائرِ
أفعالِه عندَهم، ونحن نقول: جنسُ أفعالِ اللهِ ليس له بداية، ومَن الذي يُحدِّد
بدايةَ أفعالِ الله عز وجل، هذا تقوُّلٌ على اللهِ بغيرِ عِلم؟
قولُ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ أنَّ اللهَ يتكلَّمُ
بكلامٍ حقيقي لفظًا ومعنًى، وأنَّ جنسَ الكلامِ قديمٌ أزلي لا بدايةَ له كما أن
ذاتَه ليس لها بداية، وكذلك سائرُ أفعالِه، ولكنَّ أنواعَ الكلامِ تكونُ مُحدثة
متى شاء اللهُ أن يتكلَّمَ تكلم، فهو تكلَّم في الماضي، ويتكلَّم في المستقبل،
ويتكلّم إذا شاء، فجِنس الكلام قديم، أمَّا آحادُ الكلامِ وأجزاءُ الكلام فإنَّها
تحدُثُ شيئًا فشيئًا حسْبَ مشيئةِ اللهِ وإرادة الله عز وجل، لهذا يقولون كلام
اللهِ قديم النوع حادث الآحاد، وكذلك أفعاله كلُّها: قديمةُ النوعِ حادثة الآحاد،
أي: أن اللهَ يفعلُ ما شاء إذا شاء كيفَ يشاءُ في الماضي وفي المستقبَل وفي الدنيا
والآخرة.
الذين قالوا: إن كلامَ
الله معنًى قائم بنفسه انقسموا إلى قسمين:
قسمٌ يقول: هو شيءٌ واحد لا يتجزأ.
وقسمٌ يقول: يتجزأ
إلى خمسة أقسام:
أمرٌ ونهي وخبرٌ واستخبار ونداء.