إلاَّ لمَنْ قامَ الكلامُ بهِ فذا **** كَ كلامُه
المَعْقولُ في الأذْهانِ
أيكونُ حَيًّا سامعًا أو مُبصِرًا **** من غيرِ ما
سَمْعٍ وغيرِ عِيانِ
والسمعُ والإبصارُ قامَ بغيرِه **** هذا المحالُ
وواضحُ البُهتانِ
وكذا مريدٌ والإرادةُ لم تكُنْ **** وصْفًا له هذا من الهَذيانِ
****
ولو كانَ
القُرآنُ مخْلوقًا كما تقولونَ للَزِمَ أن يُسنَدَ الكلامُ إلى غيرِ المُتكلِّمِ،
فإذا كان كما تقولونَ: كلامُ محمَّدٍ أو كلامُ جبريلَ فكيف يُضَافُ إلى اللهِ عز
وجل ويُقالُ: كلامُ اللهِ؟ هذا غيرُ صحيحٍ.
هو كلامُ الله بدايةً، وكلامُ جبريلَ ومحمَّدٍ إبلاغًا،
أمَّا أنْ يُقالَ كلامُ محمَّدٍ أو جبريلَ حقيقةً ويُسنَدُ إلى اللهِ مجازًا فهذا
مُخالِفٌ للعُقولِ.
كذلك بقيَّةُ الصِّفاتِ. هل يُقالُ: اللهُ سميعٌ أو
بصيرٌ وهو غيرُ ذي سَمْعٍ وغيرُ ذي بصَرٍ كما تقولونَ، وإنَّما خَلَقَ السَّمْعَ
والبَصَرَ فيُضافُ السَّمْعُ والبَصَرُ إليه على أنَّه خالِقُه، هذا كلامٌ باطِلٌ.
فهم يقولون: سميعٌ بصيرٌ، معناهُ أنَّه خالقُ السَّمعِ
والبصرِ في غيرِه، هذا مُحالٌ فلا يُقالُ: سَميعٌ بَصيرٌ إلا لمَنْ قامَتْ به
الصِّفةُ واتَّصَفَ بها، حتَّى في الخَلْق، لا تقولُ: فلانٌ بصيرٌ بمعنَى أنَّ ولدَه
بصيرٌ، فإذا استحالَ هذا في الخَلْقِ ففي الخالقِ منْ بابِ أوْلَى.
كذلك لا يقالُ: مُريدٌ لأنَّه خلَقَ الإرادةَ في غَيْرِه.