ويُراجعُ التكليمَ جلَّ جلالُه **** وقتَ الجدالِ له
من الإنسانِ
ويكلِّمُ الكفارَ في العَرَصَاتِ تَوْ **** بيخًا وتقريعًا
بلا غُفرانِ
ويكلِّمُ الكفارَ أيضًا في الجحيـ **** ـم أنِ اخسؤوا
فيها بكلِّ هوانِ
واللهُ قد نادى الكليمَ وقبلَهُ **** سَمِعَ الندا في الجنَّةِ الأبوانِ
****
أي: يكونُ فيه
مُحاوَرةٌ ومحاضرةٌ بينَ العبْدِ وربِّه يومَ القيامةِ.
وأمَّا قولُه تَعَالى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ﴾
[البَقَرَة: 174] فمعناه أنَّ اللهَ لا
يُكَلِّمُهم كلامَ إكرامٍ.
كما قال تَعَالى: ﴿قَالَ ٱخۡسَُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون:
108].
كلَّمَ اللهُ موسى فقالَ لهُ: ﴿إِنِّيٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخۡلَعۡ نَعۡلَيۡكَ﴾ [طه: 12] فاللهُ تعَالى خَاطَبَ موسى وسمِعَ مُوسى كلامَه بدونِ واسطةٍ، وقال لهُ: ﴿فَٱعۡبُدۡنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ﴾ [طه: 14] إلى آخرِ الآياتِ، ولذا يُسمَّى مُوسى كليمَ اللهِ لِمَا اخْتَصَّهُ اللهُ به منْ هذِه المَيْزَةِ العظيمةِ حيثُ قالَ: ﴿ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي﴾ [الأعرَاف: 144] وقالَ تَعالى: ﴿وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا﴾ [النِّسَاء: 164] وقالَ سُبحانه: ﴿وَنَٰدَيۡنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلۡأَيۡمَنِ وَقَرَّبۡنَٰهُ نَجِيّٗا﴾ [مَريَم: 52] نَاداهُ ونَاجاهُ، والمُناداةُ: الصَّوْتُ المُرتفعُ، والمُناجاةُ هي: الصَّوْتُ الخَفِيُّ، فاللهُ جَمَعَ لموسى بين هذا وهذا، المناداة والمناجاة كما كلَّمَ الأبَويْنِ: آدمَ وحواءَ فقالَ لهُما: ﴿أَلَمۡ أَنۡهَكُمَا عَن تِلۡكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمَا عَدُوّٞ مُّبِينٞ﴾ [الأعرَاف: 22].