وتلاوةُ القرآنِ في تَعْريفِها **** بالَّلامِ قد
يُعْنَى بها شَيئانِ
يُعْنى به المَتلُوُّ فهو كلامُه **** هو غيرُ مخلوقٍ
كذِي الأكْوانِ
ويُرادُ أفعالُ العبادِ كصَوْتِهم **** وأدائِهم
وكلاهُما خَلْقَانِ
هذا الذي نصَّتْ عليهِ أئمَّةُ الـ **** إسْلامِ أهْلُ
العِلْمِ والعِرفانِ
وهو الَّذي قَصَدَ البُخاريُّ الرِّضا **** لكن تَقاصَرَ
قاصِرُ الأذْهانِ
****
فلا تَجْعَلْهُ كلَّه باطلاً، ولا تجعَلْه كلَّه حقًّا،
بلْ ميِّزْ بينَ حقِّه وباطِلِه، فلا تردَّهُ كلَّه ولا تقْبَلْه كلَّه، بل ميِّزْ
بينَ ما فِيه حقٌّ وصوابٌ وما فيهِ منْ باطلٍ وخطأٍ، وإذا كنتَ لا تُحْسِنُ
التَّفصيلَ فلا تَدْخُلْ هذا المَيْدانَ.
إذا قيلَ: هلِ التِّلاوةُ للقرآنِ مخلوقَةٌ أو غيرُ
مخلوقةٍ فلا بدَّ أنْ تُفَصِّلَ بينَ المَتْلوِّ والتِّلاوةِ، أمَّا المَتلوُّ فهو
كلامُ اللهِ سبحانه وتعالى، وأمَّا التِّلاوةُ بالصَّوْتِ والأداءِ فهو فِعْلُ
البشرِ، وهو مخلوقٌ، فلا بدَّ منَ التَّفصيلِ فتقولُ للسَّائلِ: ما مُرادُك
بالتِّلاوةِ، هل مُرادُك المتلوُّ فهذا غيرُ مخلوقٍ، أو مُرادُك اللَّفظُ
والصَّوتُ والأداءُ فهذا مخلوقٌ.
الذي قَصَدَ الإمامُ البُخاريُّ في قولِه: إنَّ التِّلاوةَ أو القِراءةَ أو الكتابَةَ فيها تفصيلٌ، شيءٌ مخلوقٌ وشيءٌ غيرُ مخلوقٍ، فأنكروا عليه بدونِ تفَهُّمٍ لكلامِه ومعرفَةِ مقصودِه، ورَمَوْهُ بالقَوْلِ بخَلْقِ القرآنِ - والعياذُ باللهِ - وهذا اتِّهامٌ شَنيعٌ لإمامٍ جليلٍ.