وأظنُّه قدْ رامَ شيئًا لمْ يجِدْ **** عنْه عبارةَ ناطقٍ
ببيانِ
إنَّ المعيَّنَ ذو مراتبَ أربعٍ **** عُقِلَتْ فلا
تَخْفَى على إنسانِ
في العَيْنِ ثمَّ الذهْنِ ثمَّ اللفْظِ **** ثمَّ الرَّسمِ
حينَ تخُطّه ببَنانِ
وعلى الجميعِ الاسمُ يُطلقُ لكنَّ الـ **** أوْلى به
الموجودُ في الأعْيانِ
****
هذا المعنى الذي
ذكرهُ ابنُ حزمٍ منَ القُرآناتِ الأربعةِ بزَعْمِه لا يخْتَصُّ بالقرآنِ وإنَّما
يعمُّ كلَّ الموجودِ، فكلُّ موجودٍ له اعتباراتٌ أربعة، مثلاً زَيْدٌ منَ النَّاس
يكونُ له وجودٌ في الخارجِ وهو ذاتُه وجسمُه القائم المُشاهَدُ، وله وجودٌ في
الذِّهْنِ، تَتَصوَّرُهُ أنَّه شَخْصٌ، وأنَّه كذا وكذا في ذهنِك.
وله وجودٌ في اللَّفْظِ، تتلفَّظُ به وتقول: زيد، وله
وجودٌ في الكتابَةِ، حينَ تكتُبُ اسمَ زيدٍ.
هذه وجوداتٌ أربعةٌ، إنَّما يُطلَقُ منها حقيقةٌ على الموجودِ في الأعْيانِ، أمَّا ما كان موجودًا في الذِّهْنِ أو في الكتابَةِ أو في اللفْظِ فهذا ليسَ وجودًا حقيقيًّا وإنَّما هي أشياءُ يعبِّرُ عنها الشَّخصُ، فابنُ حزمٍ نَقَلَ هذا الذي على الأعيانِ وجَعَلَه على القرآنِ وهذا غيرُ صحيحٍ.