×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

بخلافِ قوْلِ ابنِ الخَطيبِ فإنَّه **** قد قالَ إنَّ الوضْعَ للأذْهانِ

فالشَّيءُ شَيءٌ واحدٌ لا أربَعٌ **** فدَهَى ابنَ حزْمٍ قلَّةُ الفُرقانِ

واللهُ أخبَرَ أنَّه سُبحانه **** متكلِّمٌ بالوحْي والفُرقانِ

وكذاك أخبَرَنا بأنَّ كتابَه **** بِصُدورِ أهْلِ العِلمِ والإيمانِ

****

 ابنُ الخَطيبِ هو فَخْرُ الدِّينِ الرَّازي محمَّدُ بنُ عمرَ يقولُ الموجودُ: هو ما كانَ في الأذْهانِ، وهذا غَلَطٌ ظاهرٌ.

الَّذي سبَّبَ لابنِ حزْمٍ هذا الغَلَطَ أنَّه ما فَهِمَ هذه المسألةَ، ولذلك غَلطَ فيها، ولذلك يجبُ على الإنسانِ ألا يَتَسرَّعَ في شَيءٍ لا يَعرفُه حتَّى يُتقِنَه وإلاَّ فإنَّه يقَعُ في الغَلَطِ، فهذا إمامٌ جليلٌ ومع ذلك وقع في هذا الخطأِ؛ لأنَّه لمْ يتصوَّرْ هذه المسألةَ، وتكلّمَ فيها بدونِ تصوّرٍ لها فكيفَ بغيره. فقوله: «دَهَى ابنَ حزمٍ قلّةُ العِرْفانِ» أي: قِلَّةَ العِرفانِ في هذه المسألةِ.

هذا ردٌّ على ابنِ حزمٍ في مقالتِه التي سَبَقَ ذِكْرُها.

أخبرَ اللهُ أنَّه تكلّمَ بالقرآنِ فقالَ: «كلامَ اللهِ» ﴿حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ [التوبة: 6]، ﴿يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلَٰمَ ٱللَّهِۚ [الفتح: 15] فسمَّاه كلاَمَه، وأخبرَنَا أنَّ كلامَه محفوظٌ في الصُّدورِ﴿بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بِ‍َٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّٰلِمُونَ [العنكبوت: 49] يعني القرآنَ، فدلَّ على أنَّ المحفوظَ في الصُّدورِ كلامُ اللهِ عز وجل، وليس كما يقولُ ابنُ حزمٍ: إنَّه مخْلوقٌ.


الشرح