×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

 فالإمامُ الذُّهْلي يرَى أنَّه لا يُقال: لفْظي بالقرآنِ مخلوقٌ أو غيرُ مخلوقٍ، بل يَتَوَقَّفُ في هذا الأمرِ، والإمامُ البُخاريُّ وابنُ القَيَّمِ يروْنَ التَّفصيلَ.

فاللفْظُ يُرادُ به المَصدرُ، أي: التَّلَفُظَ، وهذا مَخْلوقٌ؛ لأنَّه عبارةٌ عنْ أداءٍ وصَوْتٍ، والصَّوْتُ مخْلوقٌ، ولذلكَ يَختلِفُ القرَّاءُ بعضُهم صوتُه حَسَنٌ، وبعضُهم صوتُه غيرُ حَسَنٍ، بعضُهم يَلْحَنُ في القرآنِ وبعضُهم يقْرأُ القُرآنَ جيّدًا، لو كانَ اللَّفظُ الَّذي هو التَّلفُّظُ هو القرآن لم يَختلِفْ هذا الاختلاف من حَسَنٍ إلى ما دونَه، وإلى خطأٍ وصوابٍ في اللفْظِ؛ لأنَّ كلامَ اللهِ شيءٌ واحدٌ، فالتَّفاوتُ هذا يدُلُّ على أنَّ الصَّوتَ مَخْلوقٌ، وعلى أنَّ التَّلَفُّظَ فِعْلُ الإنسانِ، وأنَّه مخلوقٌ، أمَّا الملفوظُ به - اسم المفعول - وهو القرآن فهو غيرُ مخلوقٍ.

فلا بدَّ أنْ نُفَرّقَ بينَ اللَّفظِ والملفوظِ، اللَّفظُ الذي هو المصدرُ بمعنى التَّلفُّظِ هذا مخلوقٌ، وأمَّا الملفوظُ به فهذا غيرُ مخْلوقٍ، فلا يجوزُ أنْ تقولَ: لفْظي بالقرآن مخْلوقٌ مُطْلقًا، ولا يجوزُ أنْ تقولَ: لفْظي بالقرآنِ غيرُ مخْلوقٍ مُطلقًا، بل لا بدَّ منَ التَّفْصيلِ. تقولُ: إنْ أُريدَ باللَّفظِ الملفوظُ فهو غيرُ مخلوقٍ، وإنْ أُريدَ باللفظ التَّلفُّظُ فهذا مخلوقٌ.

كذلك الكتابةُ هل كتابةُ القرآنِ مخلوقةٌ أو غيرُ مخلوقةٍ؟ تقولُ نفْسَ الكلامِ الَّذي في اللفْظِ، إن كانَ المرادُ بالكتابةِ معنَى الكَتْبِ والخَطِّ فهذا مخْلوقٌ؛ لأنَّه عمَلُ الإنسانِ، لذلكَ يختلفُ من خطٍّ جيدٍ إلى خطٍّ غيرِ جيِّدٍ، فهو عمَلُ الإنسانِ، أمَّا المخطوطُ والمكتوبُ فهذا كلامُ اللهِ غيرُ مخلوقِ.


الشرح