ما صَرَّحَتْ أخبَارُه بالحقِّ بل **** رمَزَتْ إليه
إشارةً لمعانِ
وخطابُ هذا الخَلْقِ والجُمهور بالـ **** ـحـقِّ الصَّريحِ
فغيرُ ذي إمْكانِ
لا يَقْبَلونَ حقائِقَ المَعقولِ إلَّـ **** لا في مثالِ
الحسِّ والأعْيانِ
ومشاربُ العُقلاءِ لا يَرِدُونها **** إلاّ إذا
وُضِعَتْ لهم بأواني
من جِنسِ ما أَلْفَتْ طباعُهم من الـ **** ـمحسوسِ في ذا العالمِ
الجُثْمانِ
فأَتَوْا بتَشْبيهٍ وتمْثيلٍ وتجْـ **** ـسيمٍ وتخييلٍ
إلى الأذْهانِ
****
يقولُ:
إنَّ محمَّدًا يعلَمُ أنَّ هذا القُرآنَ ليسَ بحقيقةٍ، ولكنَّه يُريدُ أن يُخيِّلَ
للنَّاسِ لأجْلِ مَصْلَحَتِهم فقط.
يقول: إنَّ محمَّدًا لو خاطبَ النَّاسَ
بالذي هو يَعرفُ ما قَبِلوا منْه، لكنَّه خاطَبَهم بالَّذي يَصْلُحُ لهم فقط.
يقول: إنَّ عامَّةَ النَّاسِ لا
يَصلون إلى مَعارِفِ العُقلاءِ، فلا بدَّ أن يُخاطَبوا بما يعرِفونه ولو كان
مُخالِفًا للحقيقَةِ، وهذا الَّذي فَعَلَه محمَّدٌ معَهم.
كلُّ الرُّسلِ عندَ الفَلاسِفَةِ، مُخيِّلةٌ ومشبِّهةٌ، ما أتوا بالحقائقِ الَّتي يَعْرِفُها العُقلاءُ.