أمَّا الذي قد قالَ إنَّ كلامَه **** ذو أحرُفٍ قد
رُتِّبَتْ بِبَيانِ
وكلامُه بمشيئَةٍ وإرادَةٍ ****كالفِعْلِ منْه كلاهُمَا
سِيَّانِ
فهو الَّذي قد قالَ قوْلاً يعْلَمُ الـ **** ـعُقلاءُ
صحَّتَهُ بلا نُكْرَانِ
فلأيِّ شيءٍ كانَ ما قد قُلْتُمُ **** أوْلَى وأقْرَبُ
منْه للبُرْهانِ
ولأيِّ شيء دائمًا كفَّرتُمُ **** أصحابَ هذا
القَوْلِ بالعُدوانِ
****
يقولُ
الجهميَّةُ: نحْنُ أحْسَنُ مِن هؤلاءِ لأنَّنا نَرَى أنَّ كلامَ اللهِ
بحُرُوفٍ مُرَتَّبَةٍ بخلافِ من قالَ: إنَّه بِحروفٍ مُقْتَرِنَةٌ، وإنَّه بإرادةٍ
منهُ سبحانه وتعالى، وأمَّا الأشاعرةُ ومَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهم فيَرَوْنَ أنَّ
كلامَه معنى قائِمٌ بذاتِه لا يَتَعلَّقُ بالإرادةِ والمشيئَةِ، نقولُ لهم: هذا
الَّذي ذَكَرْتُم صحيحٌ من ناحِيَةٍ لكنَّه باطلٌ من ناحيةٍ، فقولُكُم: إنَّه
بحروفٍ وألفاظٍ وبإرادةٍ هذا صحيحٌ، لكنَّكُم تقولونَ: إنَّه مخلوقٌ وهذا باطلٌ.
يقولُ الجهميَّةُ: فلماذا كفَّرْتُمونا ونحنُ أحسَنُ قوْلاً منْ أولئكَ.