×
التعليق المختصر على العقيدة النونية الجزء الأول

أفْسَدتُّمُ المَعقولَ والمَنقولَ والـْ **** ـمَسْموعَ من لغةٍ بكلِّ لسانِ

أيصِحُّ وَصْفُ الشَّيْءِ بالمُشْتَقِّ والـ **** ـمَسلوبِ معناهُ لذِي الأذْهانِ

****

 منه ويَتجَنَّبَه حتَّى يعرِفَه لئَلاَّ يَقَعَ فيه وهو لا يدْري، فالعِنَايةُ بِمُحارَبَةِ هذه الأفكارِ أمْرٌ واجبٌ لا يجوزُ التَّساهُلُ فيه، ولا الغَفْلةُ عنه؛ لأنَّ لها دُعاةً وأتْباعًا، وإذا غُفِل عنْهم نَشَروها، فلا بدَّ أن يكونَ المسلمونَ دائمًا على حذَرٍ ودائمًا في جهادٍ ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ [التوبة: 73] الكفَّارُ يُجاهِدونَ بالسِّلاحِ، وأمَّا المُنافقونَ والزَّنادِقَةُ فيُجاهِدونَ بالحُجَّةِ والْبَيَانِ.

يُخَاطِبُ الجهميَّةَ يقولُ لهم: أفسدتُّم المعقولَ، يعني الأدِلَّةَ العَقْليَّةَ، وأفسدتُّمُ المنقولَ الذي هو الكتاب والسُّنة.

هل يصح أن يُقالَ: اللهُ سبحانه وتعالى متكلِّمٌ؛ لأنَّه خَلَق الكلامَ، وأنَّه سميعٌ؛ لأنَّه خلَقَ السَّمْعَ، لا؛ لأنَّ اللهَ مُتَّصِفٌ بهذهِ الأمورِ، ولكنْ لأنّه خالِقُها فيُقالُ عندَهم: اللهُ متكلِّمٌ بمعنى: أنَّه خالقٌ للكلامِ، ويُقالُ: اللهُ سميعٌ؛ لأنَّه خالقٌ للسَّمْعِ، وبصيرٌ لأنَّه خالقٌ للبصرِ، هل هذا يصِحُّ في العقْلِ أو في النَّقْلِ؟! إنَّ الشَّيءَ يُوصَفُ بما هو خارِجٌ عنْه، بل لا يُوصَفُ بالشَّيءِ إلا مَن هو مُتَّصِفٌ به حقيقةً، فلا يُوصَفُ اللهُ بالكلامِ إلا لأنَّه متكلِّمٌ حقيقة، ولا يُوصَفُ بأنَّه سميعٌ وبصيرٌ إلا لأنَّه ذو سمْعٍ وذو بصرٍ، ولا أنه عليمٌ إلا لأنَّه ذو عِلْمٍ، كما لا يُقالُ: زيدٌ كاتبٌ إلا إذا كانَ هو يكتُبُ بالفِعْلِ.


الشرح